على الطلاب والمدرسين عندكم؟! - يا أخي أهل الخير كثير ...
في مدينة حرض قابل أحمد ابن المداح يعمل في الجمرك منذ عشرين عاما. طلق زوجته الأولى في القرية وتزوج امرأة تهامية، استقبله ببهجة وذهبا معا إلى سوق كبير للقات الشامي، وأخذ يحدثه عن السوق وعن تهريب القات عبر الحدود على ظهور الحمير والمغامرين من الشباب. عرف زربة المبالغ المالية الكبيرة التي يكسبها المهربون. في تلك الليلة نام وهو يفكر بهذه المغامرة. تعرف على مهربي القات، بواسطة أحمد وصادق مجاهد الصراري، أحد كبار المهربين. هو رجل قصير القامة، سمين، ذو وجه أبيض يميل إلى الحمرة. في المساء بعد أن ينتهي من مضغ القات، يشرب نصف قارورة خمر لكي تساعده على النوم حسب زعمه. يشتري القات من المزارعين ويقوم بتهريبه إلى الأراضي السعودية، بواسطة أناس يختارهم بعناية، وقد تخصص بهذا النوع من التهريب. على الرغم من علاقته الوطيدة مع مهربي الأدوية والمخدرات مثل الكبتاجون وغيره. حين مد مجاهد يده ليصافح زربة وجدها خشنة ورآه رجلا قويا، يصلح لهذه المهمة.
19
بدأت أول رحلة تهريب لزربة برفقة كل من: سالم المدحجي، سعد البرطي، وحسن المسعودي، لهم خبرة ودراية في الطريق الوعر ومواقع حرس الحدود وأسلوب التخفي. أعطاه مجاهد كمية من القات، حينما حمله زربة على ظهره، ضحك وقال: يا مجاهد هذا حمل أطفال ههههه. - أعرف أنك تقدر أن تحمل أكثر، لكنك أول مرة تعمل معنا، سنعطيك أكثر حين تتدرب على العمل.
أوصلتهم سيارة الحدود السعودية المتاخمة لصعدة مقابل جبل النار في نجران. هناك التقى بهم حسن المسعودي، فحمل حصته من القات كانت على السيارة. لم يكن هناك حرس حدود من الجانب اليمني. كان القات ملفوفا بأوراق ولحاء الموز بإحكام، وكل يحمل معه طعامه وماءه فالرحلة شاقة. بدءوا رحلتهم الخطرة ليلا وهم يصعدون الجبال دون أن يحمل أحدهم كشاف ضوء، يتقدمهم المسعودي أكثرهم خبرة في دروب الطريق. قال المسعودي: لما نبلغ قمة جبل ... شنشاهد موقع حرس الحدود السعودي في جبل النار على بعد ثلاثة كيلو. كنا ننسق مع حرس الحدود لكنهم طماعين؛ فتركناهم واخترنا مسلك آخر.
انزلق سعد البرطي وهم يصعدون الجبل وأصيبت قدمه ولم يعد قادرا على المشي. وقف زملاؤه في حيرة، فأشار زربة على البرطي بالعودة وحمل نصيبه من القات. ضحك زربة وقال: قد حصل
53
لي مثل هذا مع سالم الحطاب.
وحكى لهم قصته مع الحطاب حين كاد يجرفه السيل وحمله على ظهره إلى بيته. وصلوا قمة الجبل قبل الفجر ثم هبطوا رويدا؛ خوفا أن تتدحرج حجرة وينكشف أمرهم. أشرقت الشمس فدخلوا كهفا صغيرا بالكاد يكفيهم الثلاثة وراحوا يشاهدون موقع حرس الحدود وأشجار السدر المنتشرة في السهول وهم يتناولون إفطارهم: كعكا، عصيرا، بسكويتا. لم يكف زربة، فتناول نصيب البرطي دون جدوى. حكى لهم زربة قصصا عن حياته، ثم حكى سالم المدحجي عن نفسه قال: كنت في سنة ثانية في كلية التربية ولم أستطع إكمال دراستي، بعد أن طرد المؤجر أبي من الدكان الذي فتحه ورشة للنجارة، واستولى على معدات الورشة بحكم من المحكمة. عملت في ورشة نجارة خمس سنوات فلم أستطع أن أجمع تكلفة الزواج، فقررت أن أعبر الحدود تهريبا للعمل داخل السعودية، ودخلت مع عشرة أشخاص، وبعد ستة أشهر قبض علي، لم يسمحوا لي حتى بأخذ فلوسي التي كانت في سكني وعدت مفلسا فوق عربة نقل إلى اليمن مع أكثر من مائة شخص بعد أن حلقوا لنا شعر رءوسنا، وأوصلونا إلى مدينة حرض. قررت ألا أعود إلى البيت إلا ومعي تكلفة الزواج. عمري الآن تجاوز الثلاثين عاما، وبهذه الرحلة سأكون قد حصلت على ما أريد وستكون رحلتي الأخيرة.
قال زربة بحزن: خذ الدنيا ببساطة، عيش يومك. لك عشر سنين تدور
Página desconocida