ذات ليلة كان زربة يمضغ القات مع ثابت ناجي وسعيد النجار، بحضور المقاول عبد المجيد أخي صديقه المرحوم ناصر. وجده لم يفارقه الحزن، وما زال يتردد على طبيب نفساني منذ مقتل أخيه. حاول زربة تسليته فسرد له قصة مضحكة حدثت لعمه قاسم ونعمان شاهر، حينما ذهبا ليلة الأربعاء ليغتسلا في الحمام التركي في حي القاع، وكان ذلك اليوم مخصصا للنساء. دخلا الحمام لحظة غياب الحارسة، وتفاجأت النساء بهما. ضحك زربة وكان سعيد النجار يستعجله: ها، مو حصل
57
بعده؟ - خرج عمي بسرعة، أما نعمان لم يقدر وضربنه النسوان، ضرب كلب دخل مسجد هههههه.
19
كان زربة يقوم ببناء الدور الثالث في بيت العقيد المتقاعد علي الحرازي الكائن في حي باب شعوب، تعرف على أخته نادية، التي استشهد زوجها وهو يقاتل في المناطق الوسطى ضد الجبهة الوطنية مخلفا وراءه ثلاثة أطفال. بعد أن توطدت علاقته بأخيها طلبها للزواج وحين عرف الأخ ظروف زربة أخبره أن مصاريف أخته لا تهم؛ فهي تسكن عنده ولديها راتب زوجها الشهيد، وهذا ما يبحث عنه زربة، امرأة تصرف على نفسها. كان يشاهد صهره يلبس البدلة العسكرية حين يود أن ينهي أعماله بنجاح في الدوائر الحكومية، وهذا ما شجع زربة أيضا على مصاهرته. لم تكن نادية جميلة كغيرها من بنات حراز، لكن حبها له عوضه عن جمالها. وجدته نادية رجلا قويا، جيدا في الفراش. كان يقضي سهراته الليلية عندها، بعد أن انعزل عن أصدقائه القدامى، كما انعزل عنهم محمد مدهش سابقا، كل ذهب يفتش عن رغباته في الحياة. ووجدته هي أفضل من زوجها الراحل، فزربة لا يشتمها ولا يضربها، وفيه الكثير من الحنان ورجل ضحوك، حتى إنها تعلمت الكثير من لهجته وحدثته بها.
الزوال
تخلع الشمس زهو الشباب عند الزوال وقد أعطت للعالم حبا عظيما. ***
1
بعد زواج زربة من نادية بشهرين عزم على السفر إلى القرية؛ لقضاء عيد الأضحى مع أسرته. مر على دكان عبد الرزاق القباطي صاحب الحلاوة وطلب عشر علب حلاوة بعضها ساخنة، تزن الواحدة كيلو واشترى خمسة كيلو تبغ حممي، وملابس العيد، ولأول مرة يشتري ملابس جيدة لزوجته صفية، لم تكن تحلم بها يوما وعطر وهدايا وخاتم ذهب، لم يكن على مقاس إصبعها الخشنة كأصابع الرجال. شاهده المداح وهو يمر بجوار بيته. رحب به وقال: طولت الغيبة
1
Página desconocida