والآن ستتسارع الشهور حتى تنتظم أعواما، وتتساند الأعوام حتى تترتب عقودا، ويتقاذفني موج العمر فلا أعي يوما إلا وأثر ذكراي الخفي يبدو في جميع أعمالي.
فإذا تكلمت واتخذ صوتي قرارا بعيدا كان متكلما فيه صوت ذكراي.
وإذا أحرجني موقف فأحجمت، فهممت، فأقدمت، فتجاوزته إلى غيره، كان الفضل لأمثولة ألقتها علي ذكراي.
وإذا سرت أحيانا بخطوات يخلن لتريثهن مفكرات بأرض يطوينها، كان ذلك التباطؤ هوى من إهواء ذكراي.
وإذا استفزني التحمس لمظلوم واستبسلت في الدفاع عن ذي حق، فما ذلك إلا مكافحة لطغيان استدر الدموع والدماء من قلب ذكراي.
ذكراي.
وإذا شعرت يوما بزمهرير البحار المتجلدة يجاور في كياني تأجج الرمضاء المستعرة، وتلاطم بين جوانحي هبوب الصرصر بلوافح السموم، فما ذلك سوى ثورة جديدة تقوم بها عناصر ذكراي.
وإذا شمت خيرات العالم فقرا، وازدحام العالم قفرا؛ فلأن لا ائتناس ولا غنى في غير عالم تبدعه ذكراي.
وإذا رآني جليسي وناظراي يخترقانه إلى أبعاد شاسعات؛ فلأني ألمح بين طبقات السحب خيالا من ذوي القربى لذكراي.
وإذا نما حبي بغتة واحتوى الموجودات بقوة كأن الروح الكلية اتخذته لحظة رسول عطفها على الخلائق، فما ذلك إلا اختمار فطير ذكراي. •••
Página desconocida