Líderes, Artistas y Escritores
زعماء وفنانون وأدباء
Géneros
ولم يكن لصبري منهج مدرسي في الشعر، لكنه كان صاحب ذوق رقيق، وقد اكتسب رقة ذوقه مما قرأه للشعراء الفرنسيين والرومانسيين، والتقت طبيعته المصرية الحديثة الساخرة المرحة، بطبيعته المصرية القديمة الباحثة عن الروح والخلود، فكانت أشعاره تنبض بالفكرة، ولكنها لا تمس أعماقها، وكان مثل أهل عصره في كل مكان، لا يرى للفن وظيفة إلا الإمتاع والإثارة، وتشمل الإثارة ما يتعلق بالفكر والعاطفة معا.
وكان ولعه بالفنون محصورا في «الطرب»، فهو يحب الأصوات الجميلة، وينظم لها الأغاني باللهجة المصرية، مثل: «الحلو لما انعطف» و«خللي صدودك وهجرك».
وقد نظم هذه الأغاني لعبده الحامولي ومحمد عثمان، ويروي عنه أصدقاؤه أنه كان يهيم بجمال الكلمة واللحن؛ كان إذا أعجبه لحن، ظل يسمعه أو يردده حتى تنتهي السهرة، وإذا أعجبه بيت شعر أخذ ينشده ولا ينشد سواه إلى أن ينام. دخل عليه أحد زملائه وكان من رجال القضاء، فقال: السلام عليكم. ومد يده لمصافحته، وصافحه إسماعيل صبري، ولكنه لم يرد السلام، بل أخذ ينشد هذا البيت للبحتري:
ما أحسن الأيام لولا أنها
يا صاحبي إذا مضت لا ترجع!
وعقدت الدهشة ملامح زميله، فكان ينظر إليه في تعجب، ويقلب كفيه وهو يقول: لا حول ولا قوة إلا بالله!
وغادره وتوجه إلى أنطون الجميل وخليل مطران وحافظ إبراهيم، وكانوا يجلسون في أحد المقاهي، وأخبرهم أن إسماعيل صبري أصيب بجنون، وسألوه: كيف؟! فروى لهم ما حدث وتوقع منهم أن يحزنوا فإذا هم يضحكون، وأفهموه أن إسماعيل إذا أعجبه بيت من الشعر، ظل يردده حتى ينام، فقال: وماذا تسمون هذا؟ وقبل أن يجيبوا أجاب هو قائلا: هذا جنون! وتركهم غاضبا.
وكان واضحا في حياة إسماعيل صبري بغضه للاحتلال البريطاني، ومساندته للمعركة الوطنية الشعبية التي يتزعمها مصطفى كامل، وعندما كان صبري محافظا للإسكندرية، أراد الزعيم الوطني أن يعقد هناك اجتماعا عاما يلقي فيه خطابا سياسيا، فأرسلت نظارة الداخلية تعليماتها إلى المحافظة بإلغاء الاجتماع، واحتج إسماعيل صبري على هذه التعليمات، وقال: أنا المسئول عن الأمن في محافظتي، ورخص بعقد الاجتماع وألقى مصطفى كامل خطابه التاريخي، ولما مات مصطفى كامل رثاه إسماعيل صبري بقصيدة باكية.
وظل مصطفى فهمي باشا يرأس الوزارة حوالي سبعة عشر عاما، وكان مهتما بممالأة الاحتلال، فلما استقال عام 1908 نظم إسماعيل صبري أبياتا هجاه بها، وعدة مقطوعات تناولت بالتجريح كل الوزراء الموالين للاستعمار، كان يدعو الشعب إلى إقامة حكم نيابي، ويحمل على الاستبداد، وقد أشاد بآثار مصر وحث المصريين على لسان فرعون أن ينهضوا ويستعيدوا مجدهم، وذلك في قصيدته الكبيرة:
لا القوم قومي ولا الأعوان أعواني
Página desconocida