Líderes de la Reforma en la Era Moderna
زعماء الإصلاح في العصر الحديث
Géneros
المسلمون في حالة فتور عام. (2)
يجب تدارك هذا الفتور. (3)
جرثومة الداء الجهل. (4)
الدواء تنوير الأفكار بالتعليم، وإيقاظ الشوق للترقي، وخصوصا في الناشئة. (5)
تأسيس الجمعيات التي تقوم بهذا العلاج. (6)
المكلفون بذلك كل قادر على عمل، وخاصة نجباء الأمة من السراة والعلماء.
هذه نظرة الطائر إلى هذه الرواية العظيمة العميقة المفيدة، وهذا تفكير «الكواكبي» من نحو نصف قرن يشف عن سعة اطلاع، وصدق إخلاص، وسمو فكر، وبعد نظر، وشجاعة وصراحة، فإذا نحن اطلعنا على ما كان يكتب قبله في المجلات والصحف في مثل هذه الموضوعات رأيناها كانت أقرب إلى موضوعات إنشائية جوفاء، فنقلها هو إلى بحوث علمية، عملية، يحلل ويذكر العرض وسبب الداء وعلاجه في صبر وأناة واستقصاء.
كتاب «أم القرى» رواية جدية ليس فيها غرام وغزل، بل فيها غرام مؤلفه بالعالم الإسلامي، يعاني في سبيله ما يعاني المحب الهائم، ويود من صميم قلبه أن يصل محبوبه إلى أعلى درجات الكمال، ويضحي من أجله بماله الذي ضيعه عليه الظلمة لتمسكه بالحق، ويضحي بوطنه فيهجره لأنه لم يستطع أن يجهر برأيه في حلب فجهر به في مصر؛ ولا بأس فكل بلد إسلامي وطنه - كان يحب التخصص، وينادي بأن كل قادر يحصر نفسه في فرع من فروع العلم أو الفن حتى يتقنه، وطبق ذلك على نفسه، فلم يتوزع بين فقه ولغة، وما إلى ذلك، إنما وهب نفسه لإصلاح المسلمين، فدرس التاريخ الإسلامي في دقة وإمعان في البلاد الإسلامية سياحة فاحصة منقبة، ودرس كل قطر إسلامي ومزاياه وعيوبه، حتى إنه لما وضع روايته «أم القرى» أنطق كل عضو بعقلية قطره: وسلطة المتعممين؛ والإسكندري يشكو ضعف الأخلاق، والإنجليزي ينعي على المسلمين عدم المجتمعات وتبادل الرأي بالخطب والمحاضرات ونحو ذلك.
اكتوى السيد جمال الدين الأفغاني من السياسة الأوربية ولعبها بالمسلمين، فصب عليها جام غضبه، واستغرقت حملته على السياسة الإنجليزية أكبر قسم في العروة الوثقى، واكتوى الكواكبي بالسياسة العثمانية فكانت موضع نقده. نظر الأفغاني إلى العوامل الخارجية للمسلمين فدعاهم إلى أن يناهضوها، ونظر الكواكبي إلى المسلمين فدعاهم إلى إصلاحها، فإنها إن صلحت لم تستطع السياسة الخارجية أن تلعب بهم؛ ولذلك كانت معالجة الأفغاني للمسائل معالجة تأثر، تخرج من فمه الأقوال نارا حامية، ومعالجة «الكوكبي» معالجة طبيب يفحص المرض في هدوء، ويكتب الدواء في أناة. الأفغاني غضوب، والكواكبي مشفق، الأفغاني داع إلى السيف، والكواكبي داع إلى المدرسة. ولعل هذا يرجع أيضا إلى اختلاف المزاج، فالأ فغاني حاد الذكاء حاد الطبع، الكواكبي رزين الذكاء هادئ الطبع، إذا وضعت أمامهما عقبة تخطاها «الأفغاني» قبل، وتخطاها «الكواكبي» بعد. ولكن من خير نقطة تتخطى، فلا عجب إن كان للأفغاني دوي المدافع، وكان للكواكبي خرير الماء يعمل في بطء حتى يفتت الصخر!.
لو مكن له معرفة لغة أجنبية ووقف على ما وصلت إليه بحوث علم الاجتماع الحديث لكان له منبع فياض إلى جانب غزارة فكره.
Página desconocida