فيكون كلمة واحدة ، بمعنى : أي شيء ، منصوب المحل على المفعولية. والأحسن في جوابه الرفع على الأول والنصب على الثاني ، ليطابق الجواب السؤال.
والإرادة نزوع النفس وميلها إلى الفعل بحيث يحملها عليه. وتقال للقوة التي هي مبدأ النزوع. والأول مع الفعل ، والثاني قبله. وكلا المعنيين غير متصور اتصاف البارئ تعالى به. فالمراد منها علمه باشتمال الأمر على النظام الأكمل والوجه الأصلح ، فإنه يدعو القادر إلى تحصيله. وقيل : إرادته لأفعاله : أنه غير ساه ولا مكره ، ولأفعال غيره : أمره بها. فعلى هذا لم تكن المعاصي بإرادته ، لأنه لم يأمر بها ، خلافا للأشعرية. وعند المتكلمين : هي معنى يوجب للحي حالا لأجلها يقع منه الفعل على وجه دون وجه. أو المراد : ترجيح أحد مقدوريه على الآخر ، وتخصيصه بوجه دون وجه.
وفي «هذا» استحقار واسترذال. و «مثلا» منصوب على التمييز أو الحال.
وقوله : ( يضل به كثيرا ويهدي به كثيرا ) جواب «ماذا» ، أي : إضلال كثير وإهداء كثير ، وضع الفعل موضع المصدر للإشعار بالحدوث والتجدد. أو جار مجرى التفسير وبيان الجملتين المصدرتين ب «أما» ، وتسجيل بأن فريق العالمين بأنه الحق ، وفريق الجاهلين المستهزئين به ، كلاهما موصوف بالكثرة بالنسبة إلى أنفسهم لا بالقياس إلى مقابليهم ، فإن المهديين قليلون بالنسبة إلى أهل الضلال ، كما قال تعالى : ( وقليل من عبادي الشكور ) (1). وأن العلم بكونه حقا من باب الهدى ، وأن الجهل بوجه إيراد المثل والإنكار لحسن مورده من باب الضلالة. ويحتمل أن يكون كثرة الضالين من حيث العدد ، وكثرة المهديين باعتبار الفضل والشرف ، كما قال :
قليل إذا عدوا
كثير إذا شدوا
Página 102