الطول والقصر والفضل والشرف وثواب القراءة ، أو لرفعة شأنها في الدين. وإن كانت واوها منقلبة عن همزة ، فلأنها قطعة من القرآن كالسورة التي هي البقية من الشيء.
والحكمة في تقطيع القرآن سورا إفراد الأنواع ، وتجاوب النظم ، وتسهيل الحفظ ، والترغيب فيه ، وتنشيط القارئ من أسلوب إلى آخر ، فإنه إذا ختم سورة أو بابا من الكتاب ثم أخذ في آخر كان أنشط له وأهز وأبعث على الدرس ، كما إذا قطع المسافة ميلا أو فرسخا نفس ذلك منه ونشطه للسير ، ومن ثم جزأ القراء القرآن أسباعا وأجزاء وعشورا وأخماسا.
وضمير «من مثله» ل «ما نزلنا» ، و «من» للتبعيض أو التبيين أو زائدة عند الأخفش ، أي : بسورة مماثلة للقرآن في البلاغة وحسن النظم. أو ل «عبدنا» و «من» للابتداء ، وحينئذ يجوز أن يتعلق بقوله : «فأتوا». ومعناه : فأتوا بسورة مما هو على صفته في غرابة البيان وحسن النظم ، أو هاتوا ممن هو على حاله من كونه بشرا عربيا أو أميا لم يأخذ من العلماء ولم يقرأ الكتب.
ولا يخفى أن رد الضمير إلى المنزل أوجه ، لأنه مطابق لقوله : ( بسورة مثله ) (1)، وقوله : ( لا يأتون بمثله ) (2)، ولأن الحديث في المنزل لا في المنزل عليه ، فمن حقه أن لا يرد الضمير إلى غيره ، لأن المعنى : وإن ارتبتم في أن القرآن منزل من عند الله فأتوا أنتم نبذا يماثله ويجانسه. وقضية الترتيب لو كان الضمير مردودا إلى رسول الله صلى الله عليه وآلهوسلم أن يقال : وإن ارتبتم في أن محمدا منزل عليه فهاتوا قرآنا من مثله. ولأنهم إذا خوطبوا جميعا وهم الجم الغفير بأن يأتوا بطائفة يسيرة من جنس ما أتى به واحد منهم كان أبلغ في التحدي من أن يقال لهم : ليأت واحد آخر بنحو ما أتى به هذا الواحد. ولأن القرآن معجز في نفسه لا بالنسبة إليه ، لقوله
Página 88