شرح ما نالهم في قعودهم عنه ، تحذيرا من سلوك طريقتهم فيه ، فقال : ( ألم تر ) ألم ينته علمك يا محمد ( إلى الملإ من بني إسرائيل ) الملأ جماعة الأشراف من الناس ، لأن هيبتهم تملأ الصدور ، أو لأنهم باجتماعهم للتشاور يملأون المجلس ، ولا واحد له كالقوم. و «من» للتبعيض ( من بعد موسى ) أي : من بعد وفاته. و «من» للابتداء ( إذ قالوا لنبي لهم ) وهو يوشع أو شمعون أو إشمويل ، وهو الأعراف ( ابعث لنا ملكا ) أنهض للقتال معنا أميرا ننتهي إلى أمره ( نقاتل في سبيل الله ) بتدبير أمره في الحرب وصواب رأيه فيه. وجزم «نقاتل» على الجواب.
( قال هل عسيتم إن كتب عليكم القتال ألا تقاتلوا ) فصل بين عسى وخبره بالشرط. والمعنى : أتوقع جبنكم عن القتال إن كتب عليكم. فأدخل «هل» على فعل التوقع مستفهما عما هو متوقع عنده ومظنون تقريرا وتثبيتا.
( قالوا وما لنا ألا نقاتل في سبيل الله ) أي داع لنا إلى ترك القتال ، وأي غرض لنا يوجبه؟ ( وقد أخرجنا من ديارنا ) من أوطاننا ( وأبنائنا ) وأفردنا عن أولادنا ، وذلك أن جالوت ومن معه من العمالقة كانوا يسكنون ساحل بحر الروم بين مصر وفلسطين ، وغلبوا على بني إسرائيل ، فأخذوا ديارهم ، وسبوا أولادهم ، وأسروا من أبناء ملوكهم أربعمائة وأربعين.
( فلما كتب عليهم القتال تولوا إلا قليلا منهم ) ثلاثمائة وثلاثة عشر بعدد أهل بدر ( والله عليم بالظالمين ) وعيد لهم على ظلمهم في ترك الجهاد والقعود عن القتال.
( وقال لهم نبيهم إن الله قد بعث لكم طالوت ملكا ) طالوت اسم أعجمي ، لأنه علم عبري ، كجالوت وداود. وفيه سببان : التعريف والعجمية. وجعله فعلوتا من الطول أصله طولوت تعسف ، لأنه يدفعه منع صرفه ، فهو عجمي وافق عربيا ،
Página 390