325

آباءكم ) كما تفعلون بذكر آبائكم في المفاخرة ، أو تعداد محاسن آبائكم ( أو أشد ذكرا ) مجرور عطفا على ما أضيف إليه الذكر في قوله : «كذكركم» بمعنى : أو كذكر قوم أشد منكم ، أو منصوب عطفا على «آباءكم» وذكرا من فعل المذكور بمعنى : أو كذكركم أشد مذكورية من آبائكم.

ثم فصل الذاكرين إلى مقل لا يطلب بذكر الله إلا الدنيا ، وإلى مكثر يطلب به خير الدارين ، وبه حث على الإكثار والإرشاد إليه ، فقال : ( فمن الناس من يقول ربنا آتنا في الدنيا ) اجعل إيتاءنا ومنحتنا في الدنيا ( وما له في الآخرة من خلاق ) من نصيب وحظ ، لأن همته مقصورة على الدنيا الدنية ، أو من طلب خلاق ( ومنهم من يقول ربنا آتنا في الدنيا حسنة ) من الصحة والكفاف وتوفيق الطاعات والخيرات ( وفي الآخرة حسنة ) من الثواب العظيم والأجر الجزيل ( وقنا عذاب النار ) بالعفو والمغفرة.

وروي عن علي عليه السلام : «الحسنة في الدنيا المرأة الصالحة ، وفي الآخرة الحوراء ، وعذاب النار امرأة السوء».

وعن الحسن : «الحسنة في الدنيا العلم والعبادة ، وفي الآخرة الجنة». و ( قنا عذاب النار ) معناه : احفظنا من الشهوات والذنوب المؤدية إلى النار. وروي عن النبي صلى الله عليه وآلهوسلم أنه قال : «من أوتي قلبا شاكرا ، ولسانا ذاكرا ، وزوجة مؤمنة تعينه على أمر الدنيا وآخرته ، فقد أوتي في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة ، ووقي عذاب النار».

( أولئك ) إشارة إلى الفريق الثاني ، أي : أولئك الداعون بالحسنتين ( لهم نصيب مما كسبوا ) من جنس ما اكتسبوا من الأعمال الحسنة ، وهو الثواب الذي هو المنافع الحسنة ، أو من أجل ما كسبوا ، أو لهم نصيب مما دعوا به نعطيهم منه بحسب مصالحهم في الدنيا واستحقاقهم في الآخرة. وسمي الدعاء كسبا لأنه من الأعمال ، والأعمال موصوفة بالكسب. ويجوز أن يكون «أولئك» للفريقين ، فإن

Página 330