201

وركب الباقي جملة اسمية لتدل على ثبات المثوبة والجزم بخيريتها. وحذف المفضل عليه إجلالا للمفضل من أن ينسب إليه. وتنكير المثوبة ، لأن المعنى : لشيء من الثواب خير.

وقيل : «لو» للتمني ، كأنه قيل : وليتهم آمنوا ، ثم ابتدأ بقوله : «لمثوبة».

وإنما سمي الجزاء ثوابا أو مثوبة لأن المحسن يثوب إليه ، أي : يرجع.

( لو كانوا يعلمون ) أن ثواب الله خير مما هم فيه ، وقد علموا ، ولكن الله سبحانه جهلهم ، لتركهم التدبر أو العمل بالعلم.

( يا أيها الذين آمنوا لا تقولوا راعنا وقولوا انظرنا واسمعوا وللكافرين عذاب أليم (104) ما يود الذين كفروا من أهل الكتاب ولا المشركين أن ينزل عليكم من خير من ربكم والله يختص برحمته من يشاء والله ذو الفضل العظيم (105))

ولما شرح الله تعالى قبائح السلف من اليهود شرع في قبائح المعاصرين منهم لرسول الله صلى الله عليه وآلهوسلم ، وجدهم واجتهادهم في الطعن والقدح في دينه ، فقال : ( يا أيها الذين آمنوا لا تقولوا راعنا وقولوا انظرنا ).

الرعي حفظ الغير لمصلحته. وكان المسلمون يقولون للرسول صلى الله عليه وآلهوسلم إذا ألقى إليهم شيئا من العلم : راعنا ، أي : راقبنا وتأن بنا فيما تلقننا حتى نفهمه ونحفظه ، وسمع ذلك اليهود فافترصوه وخاطبوه به مريدين نسبته إلى الرعن وهو الحمق ، أو سبه بالكلمة العبرانية التي كانوا يتسابون بها ، وهي : راعينا ، فنهي المؤمنون عنها ، وأمروا بما يفيد تلك الفائدة ، ولا يقبل التلبس ، وهو : انظرنا ، بمعنى :

انظر إلينا ، فحذف حرف الجر ، أو بمعنى : انتظرنا ، من «نظره» إذا انتظره.

Página 206