الجواب: أن معنى المسجد معروف، سمي مسجدا لأنه بني للصلاة فيه وهو مشتق من السجود كاشتقاق مصلى من الصلاة، فالقباب المبنية على القبور لا للصلاة بأن تجعل أرضها للصلاة، بل لمجرد تعظيم صاحب القبر والتعريف بمكانه وتيسير الزيارة للزائر بالظلال ونحو ذلك، فلم تبن لجعل أرضها مصلى فليست مسجدا، فدعوى أنها بنيت للصلاة، كما يكون الغرض بالمسجد، دعوى عارية عن الدليل وهي دعوى تعصب وتعنت بسبب عداوة المذهب. نعم مقتضى الإنصاف أن نقول: المحراب الذي يجعل فيها يجعل للصلاة فموضع المصلي فيه وإليه في معنى المسجد وحده دون سائر القبة وأرضها، وهذا المحراب ليس فوق القبر، فليس استعماله من اتخاذ القبور مساجد، بل هو كبناء مسجد حول القبر.
فأما القبة كلها فلا مشابهة بينها وبين المسجد في المعنى الذي لأجله سمي المسجد مسجدا، فتسميتها مسجدا مغالطة وتلبيس ومشابهة لأهل الكتاب في لبس الحق بالباطل. ((يا أهل الكتاب لم تلبسون الحق بالباطل وتكتمون الحق وأنتم تعلمون)) وهذه الخصلة في الغلاة تحت ستار التوحيد مما أشبهوا فيها أهل الكتاب وحذوا فيها حذوهم.
وقوله: «مضاهاة لبيوت الله» قد بينا أنها غير مشابهة لبيوت الله في المعنى، لأنها ما بنيت للصلاة ولا يصلى في جميع نواحيها كما في المساجد فلم تتخذ مساجد لا لفظا ولا معنى. وأما المضاهاة في شكل البناء والزخرفة فلا تسمى مساجد من أجلها ولا يثبت لها معنى المساجد، لأن العلة في منع اتخاذ القبور مساجد هي الصلاة على القبور، وهي غير حاصلة في القباب ولا بنيت لها.
وأما الحديث الرابع: وهو قوله: «ونهى أن تتخذ عيدا».
Página 12