Zir Salim Abu Layla Muhalhal
الزير سالم: أبو ليلى المهلهل
Géneros
فأخذت «طاسة من الفضة وملأتها من المسك والزباد والعطر، وعمدت إلى ناقتها الجزنانة سراب فدهنتها جيدا بذلك الطيب، وأمرت أحد عبيدها أن يذهب بها ويجيء بالقرب من شرفة مجلس الأمير جساس، فلما استنشق جساس الرائحة، وعرف بأنها لناقة العجوز، فاستدعاها ليسألها عن الناقة، أخبرته البسوس بأنها من «سلالة ناقة صالح»، وفيها خصائص غريبة، فإن بعرها من المسك وعرقها من الزباد.»
ويلاحظ أن هذه الناقة المطلسمة - التي من سلالة ناقة صالح كما تذكر البسوس الساحرة - ستتوحد بالفعل كطوطم أو كناقة «سائبة» بناقة رجل الله صالح، التي عند موتها أو إيذائها أو ربطها
2
ستنزل الكوارث المتوحدة بدورها بالطوفان النوحي؛ كعقاب بالقبائل السامية العربية البائدة والمندثرة عاد وثمود، وتتبدى هذه الفابيولات كتفسير أسطوري وتاريخي لاندثار تلك القبائل البائدة أو العاربة.
فمصرع ناقة البسوس هذه بسهم الملك كليب - الذي سيرشقه معتدلا في ضرعها؛ ليشخب «اللبن والدم» - سيتسبب في إشعال حرب البسوس التي امتدت أربعين سنة بسببها.
كذلك يسري مصرعها متوحدا مع رأس الملك التبع المغتال حسان اليماني، ويطغى عليه إلى أن يفوقه على طول التواتر الروائي لهذه السيرة الموغلة في الطوطمية المصاحبة للتفكير البدائي، والذي هو اليوم بالنسبة للدراسات البنائية في موقع المانيفستو البنائي منه كما يذكر ليفي شتراوس.
وهو ما سنتعرض له في دراسات متأنية أكثر لاحقة في هذا الكتاب.
فحين أعجب جساس وطلب حيازة الناقة بأي ثمن، هنا لطمت العجوز وجهها، مشيرة إلى أن هذا ما توقعته، «فإني ما هجرت بلادي إلا لأجل هذه الناقة التي كلما نظرها ملك أو أمير طلبها مني.» ثم قررت الرحيل بقلب حزين.
فمضى جساس يستعطفها مطمئنا بإقامتها بسلام لديه هي وناقتها، وهنا طالبته العجوز بمرعى يليق بناقتها الطلسم هذه.
ويلاحظ أن البسوس هنا لا تطلب مرعى بقدر ما هي تطلب «حمى أو حمية» كحمى مكة وحمى الطائف؛ حيث ترتع النوق السائبة التي من «نسل ناقة صالح» رغم هزالها وجربها، فمن الواضح إذن أننا بإزاء ناقة مقدسة أو تابو، خاصة إذا ما كانت من نسل ناقة «النبي» صالح، الذي تتواتر أساطيره ومأثوراته حول ناقته أو طوطمه المقدس الممثل في الناقة، والذي كان قد أرسل هو وناقته إلى قوم ساحرتنا البسوس هذه الحميريين القحطانيين اليمنيين؛ عاد وثمود وطسم وجديس وبقية الاثني عشر سبطا أو قبيلة مندثرة، منها العماليق ورائش وعرفات وجرهم.
Página desconocida