Zir Salim Abu Layla Muhalhal

Shawqi Abd el-Hakim d. 1423 AH
176

Zir Salim Abu Layla Muhalhal

الزير سالم: أبو ليلى المهلهل

Géneros

أما عن فكرة توحد حواء بالحية التي تتوحد بدورها بالشيطان، فتتبدى بكثرة في أغلب أساطير الخلق السامية.

ففي أغلب الأساطير والشفاهيات العربية خاصة يغوي الشيطان المرأة زوجة الإله أو البطل، مثلما حدث حين تسلطت الجليلة - زوجة الأخ الأكبر كليب - ضد الزير سالم الذي كان دائم القول «بأن أهل العقل لا تسمع لأنثى»، ومثلما حدث مع زوجة نوح حين مكنته من تخريب الفلك ثلاث مرات.

وتشير بعض أساطير الخلق العبرية أن أول صراع نشب بين آدم وحواء الأنثى أو ناثا أو ليلى الأولى هذه، وجاء بسبب استياء حواء من وضع المضاجعة «لما حتم علي الاضطجاع إلى جانبك»، فمن أخص خصائص الليليث - أو ليلى هذه - إغراء ومخاواة الرجال النائمين الفرادى، بل ومضاجعتهم، وقد يصل الأمر إلى حد قتلهم بمص دمائهم ونهش أجسادهم، ولعل في هذا أول تصور عن النداهات،

5

وترجع بذوره الأولى إلى الألف الثانية ق.م عند الكنعانيين الشوام من سوريين وأردنيين وفلسطينيين.

ومن أساطير الخلق الأولى، اكتملت المعتقدات التي ما تزال شائعة حول أضرار الشيطانات - الليليث - والأرواح الخفية بالأطفال الحديثي الولادة، فكان من المتبع رسم دائرة سوداء على حائط حجرة العرس، يكتب داخلها: «آدم وحواء» اغربي يا ليليث. أما عندما تتمكن الليليث أو ليلى من الاقتراب من الطفل الوليد، فإنها تشغف به حبا ، وفي هذه الحالة ينبه الطفل بوضع أصبعه في فمه.

وفي القرن الرابع عشر الميلادي وحد «هيرونيموس» بين الليليث أو ليلى الساميلاة واللاميا اليانانية، واللاميا أميرة ليبية هجرها الإله زيوس بعد أن سرقت أطفال زوجته هيرا، فكان أن واصلت انتقاماتها بسرقة زوجات الآخرين من أزواجهم، واللاميا تغوي الرجال الفرادى النائمين، فتمتص دماءهم وتلتهم لحمهم، وهي ما أصبحت في تراثنا الفولكلوري النداهة والسلعوة، وفي الرسوم الحائطية الهليلنية صورت اللاميا وهي تفترس أحد المسافرين وهو مضطجع على ظهره ... مثلها في هذا مثل سابقتها الرسوم الحائطية الكنعانية السورية التي ترجع إلى ما قبل القرن الرابع عشر ق.م، والتي تصور الإلهة العارية إناثا - أي الأنثى أو الليليث أو ليلى - طائرة في الهواء، لامسة مقبلة عشيقها النائم الإله «موت»، وفي صورة حائطية أخرى يبدو موت - أو آدم الكنعاني - يحفر تحت الضلع السادس لآدم الكنعاني؛ ليخلق ليليث أو ليلى أو حواء الأولى هذه.

فيلاحظ أن ليلى أو ليليث أو إناثا الكنعانية الفلسطينية ذات المنبت السومري اللا سامي، التي دخلت التراث العربي والإسلامي فيما بعد على هيئة «تجريد» للأنثى أو حواء الأولى، هي بذاتها التي تسمى بها الزير سالم «أبو ليلى»، وذلك بعد أن تخلت عن خصائصها الشيطانية الأولى، واكتست مسحة شعائرية مصاحبة لأغاني التخمير والزار؛ حيث كثيرا ما تتبدى جميلة وكثيرا «ما تصبح مغنية» و«راقصة عارية» تغوي الرجال النائمين الفرادى أو العزاب غير المتزوجين، مثل بطلنا هذا الزير سالم، الذي يرجح أنه كان - وظل - أعزب في مجمل النصوص والذاكرة الجمعية الشعبية العربية.

يضاف إلى هذا أن هذه الإلهة التي تحدد عمرها بأكثر من خمسة آلاف عام «ليليث» أو ليلى «إناثا» الكنعانية الفلسطينية، من خصائصها أنها تتبدى خارقة ليليلة معطية لمن تخاويهم أو تعاشرهم أو تتعشقهم، يضاف إليه ارتباطها بالشعر والغناء والوحدة، وكلها كانت من خصال بطلنا الشعبي العربي الفلسطيني المنشأ، والذي ربما أضافت دراسات الأجيال القادمة لسيرته الملحمية هذه ما يبقي على افتراضاتنا، وأخصها أنه الإله الشمسي المحلي لكلتا بلدتي: «بئر سبع» والقدس قبل إنشائهما أورشليم الذي نرجح أنه هو الذي أعطاها اسمه الفلسطيني، وأنه لعب أكبر الأدوار في كلا التراثين العربي والعبري، بخاصة أكثر في فابيولات شمشون الإله الشمسي الفلسطيني.

وما هذا سوى مدخل أو مبحث لسيرته في إطار السمات القومية لفولكلورنا العربي.

Página desconocida