Zaytuna Wa Sindiyana
الزيتونة والسنديانة: مدخل إلى حياة وشعر عادل قرشولي مع النص الكامل لديوانه: هكذا تكلم عبد الله
Géneros
وإذا كانت شجرته قد ذبلت قبل حلول الخريف، وتساقطت أوراقها، بل إن «كلمة الطفولة» قد سقطت عنها أيضا، ولم تعد ورقتها تتدلى منها، فإنه يشعر مع ذلك شعورا واثقا بأن الثمرة من كفاحه وعنائه في الوطن الآخر قد أوشكت على النضوج، وأن عصارتها بدأت بالفعل تفجر القشرة؛ من فرط سعادتها وفرحتها بالنضوج.
13
وعندما تدلهم عليه أزمته الباطنة طوال الثمانينيات، لا يجد أمامه إلا الملاذ الأخير الذي يلجأ إليه بعد أن يئس من عبث الأحلام والأشواق المستحيلة، وبعد أن تعذب عذاب الشخصيتين الإغريقيتين الممزقتين، وانفض عنه بعض الأصدقاء، وتنكر له بعض الزملاء، وهل سيكون هذا الملاذ غير الزوجة الحبيبة التي يأوي إليها وهو يقول: «لم يبق سواك، بحثت يدي في الليل عن حرير شعرك الدمشقي، كلمتك التي تنتشلني من ليلي الثقيل، تحملني فوق جناحين أبيضين إلى قلب النهار، أنت أيها الصيف الذي يسكنني في عز الشتاء، كلما لمس جلدك جلدي.»
14 (ز) في هذا الملاذ وجد وطنه في الغربة، عرف صدق الكلمة التي قالها له أبوه العجوز الحكيم قبل موته: «سيكون الحب وحده هو وطنك.»
في هذا الوطن، الذي يتشبث فيه «بكتفي امرأة شقراء يحبها»، سيجد كل ما يجعل للإنسان وطنا: الأصدقاء، والأماكن، والذكريات. لقد سقط سقطة «إيكاروس» على الأرض التي أحبها، ولم يشأ أبدا - برغم الإحباط والأوهام الخادعة والآمال الخائبة - أن يغادرها أو يموت على أرض سواها: «أبدا لم أرد أن أحيا أو أموت إلا هنا.»
15
وهنا هو المكان الوحيد الذي أكدت له الذاكرة - كما يعبر فرويد عن معنى كلمة الوطن - أنه لا يشعر فيه بالغربة، وأنه يستطيع فيه أن يعمل وأن يحب.
16
وهنا هي ليبزيج التي يشتاق إليها حين يكون في دمشق، ويشتاق إلى دمشق حين يكون فيها: «بلداي الاثنان وأنا، مرتبطان برابطة الزواج، حتى يفرق الموت بيننا.»
وهنا يمكنه أن يقول للآخرين الذين يعيشون معه ويعيش معهم: «أنا لا أتخلى عن نفسي أو عنكم.»
Página desconocida