وعادت كاثي تبكي من جديد.
واستيقظ زيتون ذلك الصباح بعد التاسعة مرهقا من عواء الكلاب. كان قد عقد العزم على أن يعثر اليوم عليها.
وبعد أن أدى الصلاة، انطلق يجدف في القارب فوق الفناء الغارق. كان صوت النباح يدل على أن الكلاب في مكان قريب جدا، فعبر الشارع واتجه يسارا في شارع دارت، وبعد أن تخطى بضعة منازل وجد مصدر الأصوات.
كانت الأصوات صادرة من منزل يعرفه خير المعرفة، فزاد اقترابا منه فإذا بالنباح يغدو محموما، ونبرات النباح المستيئسة صادرة من داخل المنزل، وكان عليه الآن أن يجد وسيلة لدخول المنزل. كان الطابق الأول تغمره المياه، فحدس أن به كلبين محبوسين في الطابق الثاني. وكان بالقرب من المنزل شجرة كثيرة الأغصان، فجدف حتى وصل إليها وربط القارب في جذعها.
ورفع نفسه ممسكا بأحد أغصان الشجرة ، وتسلقها حتى استطاع أن ينظر من نافذة بالطابق الثاني، لكنه لم يشاهد كلابا، وإن استمر يسمع النباح. كانا في ذلك المنزل، وكانا يعرفان أنه قريب منهما. كانت الشجرة التي يقف عليها تبعد عشر أقدام عن النافذة، وكان من المحال أن يقفز لبعد المسافة.
في تلك اللحظة لمح لوحا من الخشب، عرضه قدم وطوله نحو ست عشرة قدما، طافيا في الفناء الجانبي، فهبط وجدف حتى وصل إليه وأحضره إلى المنزل وجعله يستند إلى الشجرة، ثم صعد الشجرة مرة أخرى ورفع اللوح حتى ينشئ قنطرة بين الشجرة وبين السطح، كان يرتفع عن الأرض بنحو ست عشرة قدما، ونحو ثماني أقدام فوق مستوى المياه.
لم تكن القنطرة التي أنشأها تختلف كثيرا عن السقالة التي كان يستخدمها كل يوم في عمله، وهكذا فبعد أن فحصه بسرعة واقفا عليه نصف وقفة على قدم واحدة، سار فوقه ووصل إلى السطح.
ومن مكانه فوق السطح عالج شباكا حتى فتحه وانسل داخلا المنزل. وأصبح صوت النباح أعلى وأشد إلحاحا، فعبر غرفة النوم التي وصل إليها، وهو يسمع أصوات الكلبين التي يزداد طابعها الهيستيري، وأثناء سيره في ردهة الطابق الثاني لمحهما؛ كانا كلبين كما حدس، أحدهما من فصيلة اللابرادور الضخمة، أسود اللون، والآخر أصغر من سلالة مهجنة في قفص. لم يكن لديهما طعام، وكان إناء الماء في القفص خاليا. كان يبدو أنهما في حالة من التشويش يحتمل فيها أن يعضاه ولكنه لم يتردد، ففتح القفص وأخرجهما، فجرى اللابرادور وتخطاه خارجا من الغرفة، وأما الصغير فظل كما كان، يقعي في القفص، وتراجع زيتون حتى يتيح له أن يخرج ولكنه ظل في مكانه.
ولم يكن أمام اللابرادور مكان يقصده، فحاول نزول الدرج وشاهد المياه قد وصلت إلى ما قبل الطابق الثاني ببوصات معدودة، فعاد إلى زيتون الذي خطرت له فكرة.
قال لهما: «انتظرا هنا.»
Página desconocida