وفي باتون روج، كان الجو مكفهرا صاخبا؛ إذ هبت الرياح العاتية واسود لون السماء في الظهيرة، وقضى الأطفال بعض الوقت في الخارج يلعبون، ثم دخلوا المنزل لمشاهدة فيلم مسجل على دي في دي، وكانت كاثي في صحبة باتي وماري آن. وكانت الأشجار في المنطقة تتمايل بشدة.
وقطعت الكهرباء في الخامسة مساء، فأخذ الأطفال يلعبون ألعابا منزلية على ضوء الشموع.
وكانت كاثي تخرج بين حين وآخر إلى السيارة لسماع الأنباء في الراديو. كانت الرياح تحطم النوافذ في نيو أورلينز، وتقتلع الأشجار وخطوط الكهرباء.
وحاولت كاثي الاتصال بزيتون، ولكن كان جهاز البريد الصوتي يرد عليها. وحاولت الاتصال بتليفون المنزل. لا شيء. وقالت في نفسها، إن الأسلاك قد سقطت. لم يكن الإعصار قد أصاب المدينة بعد، ومع ذلك فلا تستطيع الاتصال بزوجها.
وبحلول الساعة السادسة كان زيتون قد أوصل جيمس إلى بيته وعاد هو إلى المنزل جاهزا للطوارئ، وشاهد الأخبار في التليفزيون، ولم تكن قد تغيرت كثيرا. كان المتوقع أن تصل أطراف الإعصار إلى المدينة في نحو منتصف الليل، وقال في نفسه إن ذلك سوف يعني انهيار شبكة الكهرباء عدة أيام.
وبدأ زيتون يسير في الغرف التي يزداد ظلامها، ويجري تقديرا لجميع الأخطار التي يمكن أن يتعرض لها خلال العاصفة. كان المنزل يتكون من أربع غرف للنوم؛ الغرفة الرئيسة في الطابق الأول، وغرف الأطفال في الطابق العلوي. وتوقع أن تتسرب المياه من بعض الأماكن هنا، فالاحتمال قائم بأن يصاب السقف ببعض الأضرار، وربما انكسرت بعض النوافذ. وكانت غرفة الجلوس في الطابق الأرضي، بنافذتها البارزة المقوسة، معرضة للأخطار، وربما سقطت الشجرة القائمة في الحديقة الخلفية فوق المنزل، ولو أن ذلك احتمال ضئيل، لكنها إن سقطت فسوف يتسبب ذلك في وقوع أضرار كبيرة؛ إذ لن يقوم حاجز يمنع المياه من الدخول.
لكنه كان متفائلا. وعلى أي حال كان يريد البقاء في المنزل، بعد أن أنفق الآلاف على التحسينات التي أدخلها فيه وعلى حمايته بشتى السبل الممكنة، وتذكر أن جدته كانت لا تبرح خلال ما لا يحصى من العواصف في جزيرة أروض، وقرر من ثم أن يحذو حذوها، فبيت الأسرة جدير بالكفاح في سبيله.
كان الأمر الوحيد الذي يقلقه هو السدود. كانت الأنباء تحذر مرارا وتكرارا من اندفاع الموج بسبب العاصفة. وكانت السدود قد بنيت بحيث تستطيع الصمود أمام موج يبلغ ارتفاعه أربع عشرة قدما، ولكن الموج العاصف في الخليج كان قد ارتفع بالفعل إلى نحو تسع عشرة، أو عشرين قدما، فإذا خرق الموج السدود، فسوف يكون قد خسر المعركة بلا جدال.
واتصل بكاثي في الثامنة.
وقالت: «ها أنت ذا! كنت مختفيا.»
Página desconocida