206

وسارت إلى أحد الصرافين، وأخرجت دفتر شيكاتها والتقطت قلما، كان عليها أن تكتب شيكين، الأول بسحب نقدي، والآخر لتحويل بعض المال إلى حساب رواتب الشركة.

كتبت الشيك الأول وأعطته إلى الصراف، وعندما التفتت من جديد إلى دفتر شيكاتها تمهلت وتوقفت. لم تكن تعرف ما سوف تفعل بعد ذلك. لم تستطع أن تتذكر ما يجب على يدها أن تفعل. لم تكن تعرف كيف تكتب، أو ماذا تكتب، أو أين تكتب ذلك، وظلت تحدق وتحدق في دفتر الشيكات، وكانت غرابته تزداد في عينيها في كل لحظة. لم تستطع تحديد الغرض من دفتر الشيكات على الرف المقابل أو القلم في يدها.

ونظرت حولها، راجية أن ترى أحدا يمسك بهذه الأدوات في يده، وأن ترى كيف يستعملها. شاهدت بعض الأشخاص، ولكنهم لم يدلوها على شيء، فشعرت بالضياع.

قالت الصرافة شيئا، لكن كاثي لم تفهم الكلمات، نظرت إلى الصرافة الشابة، ولكن الأصوات الصادرة من فمها كانت مشوشة، كأنما تنطق معكوسة الحروف.

لم تكن كاثي قادرة على الكلام. كانت تدرك في أعماقها أنها بدأت تقلق الصرافة، وقالت لنفسها: «ركزي، ركزي، ركزي، ركزي يا كاثي!»

وتكلمت الصرافة من جديد، ولكن الصوت بدا الآن أبعد مما كان، كأنما كان يصدر من تحت الماء أو من مكان بعيد.

واستقرت عيناها على الحاجز الخشبي المنزلق الذي يفصل هذه الصرافة عن الأخريات. وانحصر وعيها في تأمل عروق الخشب الصفراء، منزلقا في الخطوط شبه الدائرية التي رسمها الزمن على سطح الخشب، ثم أدركت ما كانت تفعله، وهي تحدق في تعريق الخشب، وحثت نفسها على الخروج من ذلك المأزق.

قالت في نفسها: «ركزي! هيا.»

شعرت بالخدر في يديها، وكان بصرها مشوشا. «عودي أدراجك! عودي!»

وببطء عادت. كانت الصرافة تتكلم، ونطقت كاثي بألفاظ قليلة. وأحست كاثي بذاتها تعود فتدخل في جسمها مرة أخرى. وفجأة عاد كل شيء إلى مكانه في وعيها.

Página desconocida