وكررت ذلك قائلة: «الإخلاء قسرا.»
كان المسئولون قلقين خشية انتشار بعض الأمراض التي تنقلها الأميبا كولاي، وحمى التيفود، والكوليرا، والدوسنطاريا. فالأحوال غير الصحية خطر على صحة كل من في المنطقة.
وقال: «أنا لا أشرب المياه.»
فقالت: «والنفايات السامة؟ تعرف الأوساخ المدفونة تحت الأرض هناك.» وذكرته بأن بعض مناطق المدينة مبنية فوق أنواع القمامة التي تحتوي على الزرنيخ، والرصاص، والزئبق، والباريوم وغيرها من العناصر المسرطنة. «ما تكون عليه الحال لو أن التربة نضحت بهذه العناصر؟»
ولم يعرف زيتون ما يقول ردا على ذلك.
لكنه قال: «سأكون حريصا.»
وأما الذي لم يقله فهو أنه كان يفكر في الرحيل. كان كل شيء يزداد صعوبة، وكانت المهام التي يستطيع القيام بها تقل عما سبق؛ إذ تناقص عدد الباقين في المدينة، وتناقص إلى درجة أكبر من عدد الذين يحتاجون إلى المساعدة، لم تكن أمامه إلا عقاراته ورعايتها، إلى جانب الكلاب بطبيعة الحال. من تراه سيطعم الكلاب إن لم يطعمها بنفسه؟ وأما الآن، فقد أخبرها أنه بخير وأنه سيكون حريصا، وأنه يحبها وسوف يتصل بها في غضون ساعات معدودة.
وانطلق وحده بعض الوقت. وبعد قليل، عند تقاطع شارعي قنال وسكوط، صادف زورقا صغيرا. كانت سفينة عسكرية على متنها ثلاثة رجال: جندي، ورجل يحمل آلة التصوير بالفيديو، وآخر يحمل ميكروفونا ومذكرة، وأشاروا لزيتون بالتوقف، وقال أحدهم لزيتون إنه صحفي.
وسأله الصحفي: «ماذا تفعل؟»
قال زيتون: «أطمئن على منازل الأصدقاء وحسب، محاولا المساعدة.»
Página desconocida