وقالت: «أنزلني هنا.»
فجدف في القارب حتى وصل إلى المبنى الذي يكسوه الآجر الأحمر، حيث تلتقي المياه بالدرجات المرتفعة في مدخل الكنيسة، وهناك نهضت وغادرت القارب.
قالت: «شكرا يا حبيبي!»
وأومأ برأسه واستأنف تجديفه مبتعدا.
ووصل زيتون مرة أخرى إلى المعبر العلوي عند تقاطع شارع كليبورن وطريق أ-10، وكان يستطيع حتى على مبعدة منه أن يدرك أن الأشخاص الذين رآهم من قبل ينتظرون الإنقاذ منذ أيام قليلة قد نقلوا من ذلك المكان. كانت السيارة لا تزال في مكانها، مثل أكوام القمامة والنفايات البشرية، وعندما زاد اقتراب القارب، لفت انتباهه شيء؛ بقعة من الفراء. ولم تمض لحظة حتى اقترب إلى الحد الذي أتاح له أن يدرك أنه كان كلبا راقدا على جنبه، وتذكر أنه عندما كان هنا آخر مرة، كان في ذلك المكان نحو ستة كلاب صغيرة، معظمها جراء، تحتمي بظل السيارات. وعندما لمس قاربه المعبر العلوي استطاع أن يرى أن عدد الحيوانات يبلغ عشرة أو أكثر، وكانت هي التي رآها من قبل مع عدد آخر غير كبير، في أوضاع شتى فوق الطريق. فأرسى قاربه على المعبر العلوي وصعد على الرصيف، وعقد المشهد لسانه. كانت الكلاب ميتة، كانت قد قتلت، برصاصة في رأس كل منها، وكان بعضها قد أطلقت عليه النار عدة مرات، على الرأس والجسم والأرجل.
وأسرع في تجديفه عائدا إلى منزل شارع كليبورن، وهو مضطرب، واتصل بكاثي في التليفون. كان يريد أن يسمع صوتها.
قال: «رأيت شيئا من أفظع ما يمكن.» وقص عليها ما حدث للكلاب. لم يكن يستطيع أن يفهم ذلك.
وقالت: «آسفة أشد الأسف.» - «لا أعرف من يمكنه أن يفعل ذلك.» - «ولا أنا يا حبيبي.» - «ولماذا يقتلهم جميعا؟»
وحاولا أن يفهما منطق ما حدث، فحتى لو كانوا يساعدون الكلاب على الموت راحة لها من العذاب، لم يكن ذلك مقبولا. كانت في المدينة قوارب بالغة الكثرة، ولم يكن نقلها وإطلاقها في أي مكان بعيد يستغرق زمنا طويلا، ولكن ربما كان شيء ما قد تغير دونما أمل في تصحيحه. أما أن يعتبر هذا الحادث اختيارا عاقلا أو حتى اختيارا رحيما؛ فإن ذلك معناه أن كل صورة من صور العقل قد غادرت هذا المكان.
وسألها: «كيف حال الأطفال؟»
Página desconocida