وفى عهد عمرو بن الليث كانت بلاد ما وراء النهر لدى إسماعيل بن أحمد 44، وطلب عمرو ولاية ما وراء النهر من المعتضد، فأرسل المعتضد عهدها إليه، فقصد عمرو أحمد، وقدم إلى بلخ، فعبر أحمد بن إسماعيل النهر وباغت عمرا ليلا وقبض عليه، وأوثقه، ثم أرسله إلى المعتضد، فسر المعتضد سرورا بالغا، وكان ذلك فتحا عظيما بالنسبة له. وأراد المعتضد أن يلعن معاوية ويزيد وأبا سفيان على المنابر فأمر بكتابة الرسائل بذلك إلى جميع المسلمين، ولكن منعه فى آخر الأمر عبيد الله بن سليمان ابن وهب 45.
وفى عهده شق رجل يدعى محمد بن أحمد بن عيسى بن شيخ عصا الطاعة فى آمد وميافارقين فذهب المعتضد بنفسه إلى هناك وحاصر المدينة على محمد، ومكث المعتضد ثلاثة أشهر على أبواب المدينة حتى يئس محمد فى الحصن، ونفدت المؤن، ولم يبق علف، واستغاث الناس لنفاد العلف، فطلب محمد الأمان من المعتضد، فأمنه، ورجع إلى بغداد.
وقدم القرامطة إلى البحرين، ومن هناك ذهبوا إلى البادية، وقطعوا طريق الحجاج، وعاثوا فسادا، ومنعوا الحجاج عن مكة، فأرسل المعتضد مؤنس الخادم 46 فصلبهم.
وفى عهده لم يستطع قرمطى أن يرفع رأسه، وحينما استقامت له أمور الملك ورجع من بلاد الروم، مكث هادئ القلب، وخلد عامين إلى الراحة، ثم مات سنة تسع وثمانين ومائتين.
المكتفى بالله
وهو أبو محمد على بن أحمد المعتضد، كان فى الرقة فى الوقت الذى مات فيه المعتضد، فأرسل القاسم 47 رسولا من بغداد فاستدعاه، وحينما سأل عن سلامة عمرو ابن الليث قالوا له: إنه حى، فسر المكتفى، والسبب فى ذلك: أنه فى العام الذى كان فيه فى الرى أرسل له عمرو كثيرا من الهدايا وأراد أن يؤدى حق الخدمة.
ولما سمع القاسم ذلك خاف وأرسل شخصا ليمنعوا عنه الطعام حتى يموت من الجوع، ثم أخبروا المكتفى بأنه مات.
Página 138