يزدجرد بن شهريار
وكان آخر ملوك العجم، تسلم العرش وهو فى الخامسة عشرة من عمره، وقد اقتعد سرير الملك ولم تمض على خلافة أبى بكر الصديق رضى الله عنه سوى اثنين وعشرين يوما.
وحينما تولى عمر رضى الله عنه الخلافة، أرسل جيوش المسلمين إلى العراق، وكان خالد بن الوليد أميرا لتلك الجيوش. فلما أتت أخبار قدوم جيوش العرب إلى يزدجرد بن شهريار بعث بجيوشه للقائهم وولى رستم بن فرخ زاد قيادة هذه الجيوش، وحينما التقى الجمعان فى صحراء القادسية استمرت الحرب طويلا، وكان الظفر دائما للمسلمين وقدم يزدجرد بنفسه إلى المعركة، والتحم مع جيش المسلمين ولكن الظفر كان للمسلمين أيضا وهزمت جيوش العجم واندحرت، وفر يزدجرد ودخل مرو. وحينما علم ماهوى مرزبان مرو أرسل جماعة لطلبه، وكان ماهوى حانقا عليه غاضبا منه، ولكن رجاله لم يجدوه؛ فقد اختفى يزدجرد فى طاحونة، ولما أتى حارسها ورآه قال له: اخرج من طاحونتى؛ فإن دخلى كل يوم خمسة دراهم وسينقطع دخلى حينما تبقى هنا، ولما لم يكن مع يزدجرد ذهب أو فضة حتى يعطيه إياه، وكان أيضا جائعا، فقد أعطاه جوهرة نفيسة (وقال له): بع هذه وارفع غلالك، ثم أحضر لى شيئا حتى أقتات به، ولا تدل إنسانا على مكانى. وحينما ذهب الحارس بالجوهرة إلى السوق، أمسكوه، واقتادوه إلى ماهوى، فسأله عن مكان يزدجرد فدله عليه، فأرسل ماهوى أشخاصا قطعوا رأسه وأتوا بها إليه، ورموا جسده فى الماء. واختتمت به مملكة العجم، واستولى المسلمون بعد ذلك على إيران وهى تحت أيديهم حتى الآن، وستظل فى ملكهم إلى يوم القيامة بمنة الله تعالى.
Página 90