فاستقبل الرسل استقبالا حسنا، وأعلى شأنهم، وتقبل الهدايا وأجابهم جميعا إلى الصلح الذى طلبوه، وحينما مضت مدة نقض قيصر الروم عهده، فقاد أنوشروان جيشا، وذهب إلى بلاد الروم، واستولى على دارا 2، ورها 3، ومنبج 4، وقنسرين، وحلب وفامية 5، وحمص، وسلوقية 6، وحاصر أنطاكية، وتراكية 7، وكان هناك ابن أخت القيصر مع عدة من أبناء عظماء الروم، ففتح الحصن، واتخذهم أسرى، وحمل من هناك أموالا عظيمة من ذهب وفضة ولآلئ ويواقيت وجواهر وأمتعة وفرش وأسلحة، وأرسل القيصر رسولا، وطلب الصلح، وقبل الضرائب، وكتب الوثائق اللازمة، ثم رجع كسرى من هناك واستراح.
وقدم خمسة من الملوك فى يوم واحد لتقديم فروض الولاء والطاعة، وأتت الرسل بالهدايا من مارست 8 ملك الهندوستان، والخاقان العظيم ملك التركستان، وملك سرنديب، وقبلوا الضرائب، وسخرت له ملوك الأرض جميعا، وزوجه الخاقان العظيم ابنته 9 وهى والدة هرمز. وقبل ملك الهندوستان أن يرسل إلى الشاهنشاه السبع من داخل مملكته، وأن يعطى كل عام عشرة أفيال ومائتى ألف قطعة من الساج والعاج وصارت له كابل وقندهار، ولم يبق له فى الدنيا مخالف فينازعه. وولد الرسول محمد صلى الله عليه وسلم فى عهده، وافتخر بهذا وقال صلى الله عليه وسلم:" ولدت فى زمن الملك العادل" وهو أنوشروان، صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وكان بزرجمهر حكيم العجم وزيره، وهو الذى أتى" بكليلة ودمنة" من الهندوستان إلى إيران، كما أتوا بالشطرنج فى عهده، وكان أبوه قباد قد بدأ بوضع الخراج ورفع رسم العشور فلم يستطع فأتمهما هو. ووضع على كل ذراع قمح درهما، وعلى الأرز أربعة دوانق، وعلى الذهب ثمانية دراهم، وعلى الأشياء الأخرى سبعة دراهم، وعلى كل أصول أربع نخلات درهما، وعلى كل ست أصول زيتون درهما 10. وبنى مدينة نوبندگان 11، وهمدان، وبغداد القديمة وأردبيل، والمدائن، وسور باب الأبواب.
هرمز بن نوشيروان
Página 84