أشخاص المسرحية
الفصل الأول
الفصل الثاني
الفصل الثالث
أشخاص المسرحية
الفصل الأول
الفصل الثاني
الفصل الثالث
زوجة كريج
زوجة كريج
Página desconocida
تأليف
جورج كيلي
تقديم
أنيس منصور
ترجمة
محمود محمود
هذه المسرحية
بقلم أنيس منصور
بعض الخبثاء يقول: إن المرأة كالقمر، لها وجه آخر لم يره أحد بعد.
والحقيقة أن المرأة لها وجوه عديدة. والذين رأوا وجوه حواء من العلماء والفنانين عددهم قليل جدا، ولم تكن رؤيتهم واضحة. أما الذين رأوها بوضوح فهم كثيرون جدا وكان ذلك على فراش الموت. ومع الأسف لم يتمكنوا من النطق بشيء، ومضوا في سلام.
Página desconocida
وكان تولستوي يقول إن الرجل لا يستطيع أن يقول رأيه في زوجته إلا بعد أن يتأكد أنهم أغلقوا عليه باب القبر بإحكام تام.
وكان شوبنهور يقول: كلما سمعت رجلا يتحدث عن امرأة بصراحة تامة، أعرف أنها ماتت أو أنه يريد أن يقتلها.
ولكن الفنانين الكبار استطاعوا أن يقولوا كلمتهم وهم أحياء. وبعد موتهم بقيت هذه الكلمات. بقيت هذه الوجوه العديدة التي رأوها لحواء تطل علينا، وتضيء لنا، لا كالقمر الذي له وجه واحد ثابت، ولكن كالنجوم التي تتلألأ؛ أي تطل علينا بألوف الوجوه.
وأشهر هذه الوجوه جميعا وأروعها ثلاثة:
وجه الزوجة التي تدخل الحياة الزوجية ومعها «أثاث» لم يره الزوج. هذا الأثاث صنعته من أحلامها ومن أوهامها، من شبابها اللامع، وانتظرت زوجها. انتظرت فتى أحلامها، فجاء الفتى وفوجئت بأنه لا أحلام هناك، بل ولا فتى، أو أن الفتى جاء، ثم اشترط أن تصحو هي من أحلامها. إنه لم يترفق بها وهي تحلم. إنه هزها بعنف. اقتلع النوم من عينيها، ثم اقتلع عينيها حتى لا ترى شيئا، حتى تسمعه هو، ولا تراه ولا ترى نفسها، وتظل كحواء قبل أن تأكل من شجرة المعرفة، وقبل أن تعرف أنها عارية وأن آدم عريان، وقبل أن تمد يدها إلى ورقة التوت تغطي نفسها. إن هذه المرأة انتظرت فتى أحلامها، انتظرت الذي يملك خاتم سليمان، ومصباح علاء الدين، وبساط الريح ويقول لكل شيء كن فيكون. وجاء الرجل وفتح عينيه، ولكنه لم يرها، وفتح أذنيه، ولكنه لم يسمعها، ونشر ذراعيه، واحتضن شيئا آخر. وفوجئت الزوجة بأن زوجها يعلق صورة لقطار السكة الحديدية على الحائط، ماذا يريد؟! إن القطار هو مثله الأعلى. إنه يريد من زوجته أن تمشي كالقطار، تمشي على شريط في مواعيد محددة، لا تتعب، لا تمرض، لا تخطئ. واكتشفت الزوجة أن زوجها يريدها أن تكون كالكرسي، كالنضد. إنها شيء يلقيه على الأرض ثم يجده في اليوم التالي، في نفس المكان، ولم يزد عليه إلا بعض التراب. وطبعا تكون مفاجأة كبرى للزوج عندما يجد الكرسي تحرك، وله رجلان لا أربع، وله شعور، وله رأي، وله موقف، وفي لسانه كلام، وفي كلامه قرار. وتمتد يد الكرسي الناطق وتعلق صورة لحمار على الحائط أو أي حيوان آخر. ماذا تريد الزوجة؟! إنها تريد أن تعلن رأيها في زوجها بصراحة، وترى الزوجة أن زوجها قد زور في عقد الزواج، فالعقد قد نص على أنها تزوجت إنسانا لا حيوانا؛ ولذلك يجب أن تخرج من البيت؛ لأن هذا الزوج قد حول زوجته من إنسان إلى حيوان إلى جماد. وهذه الزوجة لا تريد أن تتخلص من «آدم» إلى الأبد؛ إنها تريد أن تتخلص من هذا «الآدم» فقط؛ لأن حواء لآدم إلى الأبد، وزوجها يريد منها أن تكون له إلى الأبد، وبأي شرط.
هذه المشكلة الحقيقية التي صورها كاتب النرويج العظيم «هنريك إبسن» في مسرحيته الخالدة «بيت الدمية». ففي نهاية المسرحية نرى الزوجة «نورا» تخرج بملابسها، تخرج بأثاثها الذي دخلت به، بأثاثها الوردي الذي صنعته بنفسها، وبقلبها وبحرمانها، ثم تقفل الباب في وجه زوجها، وفي وجه جمهور المتفرجين، وفي وجه كل أبناء القرن التاسع عشر. وكان صوت الباب صفعة على وجه الزوج، وكل زوج، أو كأنه الدقات التقليدية التي تعلن بداية القرن العشرين، بداية المساواة والحرية الفردية للرجل والمرأة.
و«نورا» هذه صاحبة مبدأ، صاحبة فلسفة. أما الوجه الثاني فهو وجه الزوجة التي أحبت، ولكن ليس المحبوب هو الذي يشغلها وإنما الحب نفسه، فهي تحب الحب؛ لأن الحياة جوهرها الحب. وهي تريد أن تعيش. والحب لذيذ ممتع، كأي «فيلم»، كأية حفلة، والحب حفلة ترقص فيها وتغني وتشرب. وفي نهاية هذه الحفلة تعانق صاحب الدعوة أو أصحاب الدعوة، وترجو منهم أن يكرروا هذه الحفلات. والزواج عندها معناه أنها أحبت رجلا بكامل حريتها. أليس معنى الزواج أن «يصادر» الزوج قلبها أو عقلها أو تصبح حياتها موقوفة عليه هو؟ والزواج معناه أنها أعطت أعز ما تملك لأعز من تحب. وأعز ما تملكه المرأة هو جسمها؛ فهو مملكتها.
وعندما يسألها الزوج: أريد أن أعرف من أنت؟
تقول له: أنا عمري، أنا شبابي، أنا عشرون ربيعا، أنا شبابي، هذا هو أنا، وكل فتاة مثلي هي كذلك.
هذه الزوجة تريد من زوجها أن يقوم بدور شهرزاد في «ألف ليلة وليلة»؛ كل ليلة ليلة جديدة، وقصة جديدة، ومغامرة جديدة. فإذا انتهت الحكايات اتجهت الزوجة إلى مؤلف آخر؛ فالحب في قلبها طفل صغير تهدهده الحكايات فينام. وعندما اتجهت الزوجة إلى مؤلف آخر، إلى صاحب حكايات أخرى كان أخا زوجها. لقد تعبت الزوجة من حكايات الأخ الأكبر، فاتجهت إلى الأخ الأصغر، ثم تعبت من الأصغر فخرجت من البيت خروج الغزاة الفاتحين وتحت قدميها دماء زوجها وأخيه.
Página desconocida
هذا الوجه أبدعه كاتب فرنسا «أرمان سالكرو» في مسرحية «امرأة حرة». هذه المرأة الحرة اسمها «لوسي»، ولم تكن لوسي صاحبة مبدأ أو فلسفة، وإنما هي تريد أن تعيش، أن تعيش حياتها هي، حياة غير مشروطة بأي شرط، ولا يهمها ماذا يقول عنها المؤرخون أو نقاد الأدب. إنها تمر بالتجربة، وعليهم هم أن يختاروا لتجاربها الأسماء.
والوجه الثالث نجده في هذه المسرحية، مسرحية «زوجة كريج». والمسرحية تمضي حوادثها في بضع ساعات، ولكننا نشعر في أول الأمر أنها طويلة. ويبدو أن المؤلف تعمد الإطالة حتى يرسم لنا ملامح شخصياتها بوضوح، وبعد ذلك يترك لهم المسرح. وعلينا نحن أن نتتبع ما يجري في هذا المنزل، ولا أقول «البيت»؛ فهناك فارق كبير بين الاثنين. وهذه المسرحية توضح لنا الفارق الكبير جدا ؛ فالزوج يريد أن يكون منزله بيتا، والزوجة تريد أن تحيل البيت إلى منزل. هو يريد أن يضيف إلى المنزل الدفء والأمان وبذلك يصبح بيتا، والزوجة تريد أن تجرد البيت من هذا الدفء ومن الناس فيصبح منزلا مليئا بالأثاث. ومن ضمن قطع الأثاث: زوجها!
وزوجة كريج لها رأي في الزواج، ولها رأي في الزوج. من رأيها أن الزوج «ممول» لمشروع. أما هذا المشروع فهو بيتها، وبيتها هو حياتها مع زوجها، وبعد زوجها، أي بعد وفاة الزوج؛ فهذه مسألة هامة جدا. وقد عاشت زوجة كريج تجربة رهيبة قبل ذلك. رأت أمها وكيف أحبت أباها، وكيف أن أباها كان يبيع أمها وما تملك من أجل نساء أخريات. ومن رأي زوجة كريج أن الزواج صفقة تجارية بين البائع والمشتري. هي أعطت حريتها لزوجها، وزوجها أعطاها ماله والطمأنينة والاستقرار. كلاهما كسبان، وكلاهما خسران. وإذا كان الزوج يتعب في عمله، فهي أيضا تتعب في البيت. والزوجة ترى أن البيت مكانها الطبيعي، وأن زوجها ليس هو كل شيء، وأنها عندما تحرص على زوجها، هي في الواقع تحرص على نفسها، على سلامتها، على استقرارها، أو بعبارة أدق: إنها تحرص على الرجل الذي يحرس لها بيتها وأثاث بيتها. ولكي تضمن هذا الاستقرار وهذا الأثاث، عاشت في عزلة، اعتزلت الناس، وشجعت الناس على أن يبقوا بعيدين عن زوجها وعن بيتها، ثم أخرجت أصدقاء الزوج واحدا واحدا. أرادت أن تبعد الناس عنها، فأبعدوها عنهم.
وكانت النتيجة أن تركت البيت عمة زوجها؛ لأن من الصعب أن تعيش في بيت تهتم فيه امرأتان برجل واحد - أي هي وزوجة كريج - وابنة أختها تركت البيت، وخادمتان الواحدة بعد الأخرى، ثم جاء دور الزوج فترك البيت. وبقيت زوجة كريج وحدها مع أثاثها، ولا ينقصها إلا الممول!
ولزوجة كريج عبارة تلخص فلسفتها في الحياة والزواج: إن حب الرجل لا يفيد كثيرا في تدبير العيش، وتقول: إنني حرصت على أن يكون زواجي سبيلا إلى تحرري.
وكل خلاف بينها وبين زوجها كان يشبه البرق الذي يكشف كل شيء في لحظة واحدة، يكشف الفارق بين الرجل وزوجته، بين المرأة التي يحرص عليها وبين المرأة التي تحرص على البيت؛ ولذلك تحرص على حامي حمى البيت.
ويكفي أن يدور هذا الحوار بين الرجل وزوجته لتعرف أي خلاف بينهما.
هي :
سترى أوراق الأزهار متناثرة في أرجاء المكان ... هذا فظيع.
هو :
Página desconocida
بل سيكون ذلك أروع.
هي :
لا أعتقد أن هذا رأيك لو كان عليك كنس هذه الأوراق.
هو :
ولماذا أكنسها؟ إنني أحبها هكذا، ولا شيء أجمل من أوراق الأزهار مبعثرة على حشائش البستان.
وفي نهاية هذه المسرحية تتساقط أوراق الأزهار على الأرض، عندما يتساقط ستار المسرح. ولا يعيب هذه الأزهار وهي تسقط إلا عينا امرأة تنظران إليها باستنكار نظرة من يريد أن يكنسها، لا أن ينظر إليها بارتياح. إنها ليست نظرة الفنانة، وإنما هي نظرة «أمينة المتحف»، أو نظرة «صاحبة البيت»، لا «ست البيت»!
أشخاص المسرحية
مس أوستن
مسز هارولد
ميزي
Página desconocida
مسز كريج
إيثل لاندرث
والتر كريج
مسز فريزير
بيلي بيركماير
جوزيف كاتل
هاري
يوجين فردريكس
الفصول الثلاثة في غرفة الاستقبال لأسرة كريج.
الفصل الأول
Página desconocida
تقع حوادث المسرحية كلها بين منتصف الساعة السادسة في المساء والتاسعة من صباح اليوم التالي في حجرة الجلوس بمنزل مستر والتر كريج. وتدل هذه الحجرة - كما تدل جميع الحجرات الأخرى بالمنزل - على الذوق الرفيع والنظام البديع الذي تتميز به صاحبته، أثاث فخم ولكنه جاف مصنوع من الخشب الداكن الشديد اللمعان. وقد فرشت الأرض بالسجاد الفاخر ذي اللون الذهبي، وازينت الجدران بالأطلس المطرز الثمين، وكسي البيانو كما كسي النضد المستطيل الذي يتوسط الحجرة بغطاء كناري اللون. أما الستر التي تحجب المشربية التي تقع على اليسار، والنافذة المقوسة الخلفية المطلة على الدرج، فهي خضراء قاتمة الخضرة. ولهذه النافذة الخلفية مقعد جميل من بناء البيت، عليه حشايا رائعة. وعلى يمين الدرج مقعد آخر من البناء، ينحني منه حاجز السلم إلى أعلى. وعلى اليمين - إلى الخلف - ترى بابا متسعا يتعلق به ستار من المخمل البني اللون. ويشغل بقية الحجرة من ناحية اليمين رف للمدفأة مزركش، ومرآة مزخرفة، وموقد. وأمام الموقد مقعد جميل ذو ظهر مرتفع. وإلى يسار المقعد المتوسط مقعد كبير آخر. وإلى جوار البيانو كرسي صغير مزخرف. وإلى جانبي الحجرة مقعدان يواجهان الرائي. وبالحجرة كذلك مقعدان مستطيلان مزخرفان، أحدهما خلف النضد المتوسط مباشرة، والآخر أمامه. وبين النضد والمقعد الأمامي فسحة من المكان تسمح بالمرور بينهما. وإلى اليسار رواق زجاجي يفتح أحد بابيه على الحجرة، ويفتح الآخر على المدخل الأمامي للبيت. (تدخل مسز كريج وتبدو كأنها ترتدي لباسا أعد لهذه الحجرة خاصة، فهي تلبس رداء كاملا بني اللون على أحدث طراز، وخفا وجوارب بنية، وقبعة صغيرة من القطيفة البنية القاتمة، وتحمل حقيبة من الجلد البني اللون ومظلة من الحرير البني.) (وتهرع مس أوستن هابطة الدرج، وتنفذ خلال ستار الباب الأيمن. أما مسز هارولد فتدخل من الباب الأيسر، حاملة صحيفة المساء وقطعا من القماش لأطر التطريز، وتتقدم صوب النضد الوسيط.)
مسز هارولد (وقد وقفت في منتصف الطريق نحو النضد متطلعة صوب مس أوستن) :
هل تريدين شيئا يا مس أوستن؟
مس أوستن :
لا. شكرا يا عزيزتي. ولكني أبحث عن النموذج الذي أرسلت في طلبه منذ أيام؛ لأني أود أن أطلع عليه مسز فريزير.
مسز هارولد :
ارفعي غطاء نضد التطريز يا مس أوستن، فإني أعتقد أني رأيت به نموذجا ما هذا الصباح. (وتتابع سيرها نحو النضد الوسيط حيث تلقي عليه الصحيفة وقطع القماش.)
مس أوستن :
هذا هو. وجدته (يسمع صوت من ناحية اليمين)
كنت واثقة من أني تركته هنا في مكان ما (وتسرع خلال ستار الباب وتصعد الدرج) .
Página desconocida
مسز هارولد (وقد تقدمت صوب الباب الأيسر) :
لقد أعطيت لميزي الورد الذي جاءت به كي تضعه في قليل من الماء.
مس أوستن :
أحقا فعلت ذلك؟ شكرا لك جزيلا.
مسز هارولد :
إنها سوف تحضر للورد إناء.
مس أوستن :
ما أجمله!
مسز هارولد :
نعم إنه رائع (وتخرج ثانية صوب باب الرواق، وتدخل ميزي من خلال ستار الباب تحمل إناء به زهر قرنفلي تضعه فوق الركن الأعلى للبيانو الفاخر الصغير الذي يقع على اليسار) .
Página desconocida
ميزي (وهي تنادي مسز هارولد خلال النافذة الخلفية) :
هل وصلت الصحيفة يا مسز هارولد؟
مسز هارولد :
نعم، لقد أحضرتها الآن، وها هي ذي ملقاة فوق النضد. (تدور ميزي عائدة إلى النضد، وتلتقط الصحيفة، وتسير قدما وهي ترفعها وكأنها تريد أن تسمح لضوء النافذة اليمنى أن يسقط عليها.)
ميزي :
ستمطر ثانية في الغد.
مسز هارولد (وهي تجيبها من ناحية الباب الأمامي) :
وهل تنبئ الصحيفة بذلك؟
ميزي :
جو غير مستقر هذا المساء، ويوم الجمعة. وربما أرعدت وأمطرت رذاذا، يبرد الطقس قليلا. والرياح معتدلة.
Página desconocida
مسز هارولد (وهي تدخل) :
لست أدري من أين تأتي جميع الأمطار.
ميزي :
ليس الطقس لطيفا بالنسبة لمسز كريج. أليس كذلك؟
مسز هارولد (وهي تتقدم صوب البيانو) :
إنك لا تعرفين، ربما كانت غير ممطرة في «أولبني». (تشم الزهور)
أليست هذه الزهور جميلة؟
ميزي :
نعم، إنها لجميلة.
مسز هارولد (وهي تعبر إلى أسفل الدرج) :
Página desconocida
سمعتها تقول لمس أوستن إنها تملك أكثر من مائتي شجرة من أشجار الورد في حديقتها.
ميزي (تتلفت وتنظر إلى مسز هارولد) :
هل ما زالت في الدور الأعلى؟
مسز هارولد :
نعم، ويقيني أنها تتحدث إلى مس أوستن المسكينة حديثا قاتلا. (تضحك ميزي وتواصل قراءة الصحيفة، وتدير مسز هارولد عينيها في أرجاء الحجرة)
احملي هذه الصحيفة معك يا ميزي حينما تحضرين، ولا تتركيها ملقاة في هذا المكان.
ميزي :
سأفعل.
مسز هارولد (وهي تتقدم صوب الباب الأيمن وتطل إلى الخارج) :
لكأن السيدة تسير نحونا (تتلفت ميزي بغتة وتنظر إليها) .
Página desconocida
ميزي :
هل تعنين مسز كريج؟
مسز هارولد :
ربما كانت هي. إنك لا تدرين.
ميزي :
أذكر أنك قلت إنها لن تعود قبل يوم السبت.
مسز هارولد (تعود إلى النضد وتلتقط قطع القماش) :
ذلك ما أخبرتني به عند انصرافها. غير أنه من الخير يا ميزي أن تحسبي حساب يوم أو يومين مقدما لامرأة مثل مسز كريج (تنفض تراب النضد بقطع القماش)
إذا عرفت وهي هناك أن دبوسا هنا في غير موضعه، استقلت أول قطار من أولبني (يصدر عن ميزي صوت دهشة وتواصل قراءة الصحيفة، وتتحرك مسز هارولد صوب الباب الأيمن)
أمثالها كثيرات، وقد عملت مع ثلاث منهن. وإن المرء ليحسب بيوتهن بيوت الإله العلي (وتذهب إلى الغرفة الأخرى) .
Página desconocida
ميزي :
ألم تخبريني يا مسز هارولد أنك عملت بشارع ويلوز في وقت ما؟
مسز هارولد (وهي تنادي من الحجرة الأخرى) :
نعم، عملت هناك عامين لدى دكتور نكلسون.
ميزي :
وهل عرفت في ذلك الحي قوما باسم باسمور؟
مسز هارولد (تظهر بين ستائر الباب) :
باسم من؟
ميزي :
باسمور. ب... ...ا س... مور! مستر ج. فرجس باسمور وزوجه.
Página desconocida
مسز هارولد (تتقدم من ناحية اليمين) :
لا، لست أذكر أحدا بهذا الاسم. لماذا؟
ميزي :
لا شيء، تقول الصحيفة إنهما وجدا قتيلين هذا الصباح ببيتهما بشارع ويلوز.
مسز هارولد :
رحمة الله عليهما، ماذا حدث لهما؟
ميزي :
تقول الصحيفة: «مشهد مأساة مزدوجة ببيت حديث بشارع ويلوز. جثة فرجس باسمور وزوجه المعروفين في حياة المدينة الاجتماعية. وجدا في المكتبة قتيلين بالرصاص. مسدس فارغ إلى جوار المدفأة. سبب الوفاة تحوطه الألغاز. البوليس يبحث عن شخصية سيد زائر شوهد منطلقا من المسكن في سيارة بعد منتصف الليل بقليل.» (ميزي تنظر في فزع إلى مسز هارولد وهي تهز رأسها في حزن شديد) «في نحو الثامنة من هذا الصباح، عندما دخلت مس سلمى كوتس الخادم الملونة غرفة المكتبة في بيت مستر ج. فرجس باسمور رقم 2214 بشارع ويلوز».
مسز هارولد :
هذا الرقم لا بد أن يكون قريبا من البحيرة. (جرس الباب الخارجي يدق بعنف)
Página desconocida
انظري من القادم يا ميزي (تختفي مسز هارولد في الحجرة الأخرى وتسير ميزي صوب الباب الأيسر وهي تلقي بالصحيفة فوق النضد أثناء مسيرها) .
مسز كريج (عند مدخل الباب) :
نستطيع أن نترك هذه الأشياء هنا يا إيثل؛ فإن ميزي سوف تحضرها.
ميزي :
مرحبا بك يا مسز كريج.
مسز كريج :
أهلا يا ميزي.
ميزي (وهي تخرج) :
عدت قبل موعدك بقليل. (تدخل مسز هارولد خلال الستائر، وتتطلع صوب الباب الخارجي.)
مسز كريج :
Página desconocida
نعم، بقليل. هلا حملت هذه الأشياء من فضلك!
ميزي :
نعم يا سيدتي . (تدرك مسز هارولد أن القادمة مسز كريج، وتلقي نظرة خاطفة في أرجاء الحجرة، وتختطف الصحيفة من فوق النضد. وبنظرة خاطفة أخرى وهي تتلفت يمينا صوب الباب الخارجي، تختفي في الحجرة الأخرى.)
مسز كريج :
وأرجو أن تتأكدي يا ميزي من أن ذلك المشبك مطبق فوق ستار الباب.
ميزي :
نعم يا سيدتي.
مسز كريج (تظهر في الداخل عند الباب) :
إنه كان مفتوحا إلى نصفه عندما دخلت. (تدخل الغرفة وتجول فيها بنظرة من عين ضيقة، ثم تسير صوب النضد كي تضع حقيبة يدها ومظلتها. أما إيثل فتتجول داخل الغرفة متابعة مسز كريج، ثم تقف عند الركن الأعلى للبيانو، ويغلق الباب الحاجز في الخارج)
خففي عنك ملابسك يا عزيزتي ثم اجلسي، فإنك تبدين متعبة. (وتتحرك نحو المرآة فوق رف الموقد على اليمين، وتلقي إيثل بحقيبة يدها على البيانو، ثم تشرع في خلع معطفها وقبعتها)
Página desconocida
لا أحسب أن شيئا في هذه الدنيا أشق من ركوب القطار. (تدخل ميزي حاملة محفظة نسوية وحقيبة ملابس، وتتلفت مسز كريج)
تستطيعين أن تحملي هذه الأشياء رأسا إلى الطابق الأعلى يا ميزي.
ميزي :
سمعا وطاعة يا سيدتي.
مسز كريج (متجهة نحو إيثل) :
ضعي الحقيبة في الحجرة المنزوية. وسوف تشغل مس لاندرث تلك الغرفة في الأيام القليلة المقبلة.
ميزي (تصعد الدرج) :
سمعا وطاعة يا سيدتي.
مسز كريج (وهي تتناول قبعة إيثل ومعطفها وحقيبتها) :
سوف أحفظها يا عزيزتي.
Página desconocida
إيثل :
شكرا لك.
مسز كريج :
سوف أطلب إلى ميزي أن تحملها فورا إلى غرفتك (تضعها بعناية فوق النضد، وتسير إيثل نحو المرآة، لتسوي شعرها) .
إيثل :
أعتقد أني أبدو مفزعة. أليس كذلك؟
مسز كريج :
كلا يا حبيبتي فأنت تبدين في هندام تام. هل تودين شرابا من نوع ما؟
إيثل :
نعم، أود شراب الماء، إذا كنت لا تعارضين. (تظهر مسز هارولد بين الستائر.)
Página desconocida
مسز كريج :
أهلا بك يا مسز هارولد.
مسز هارولد :
لقد عدت.
مسز كريج :
هذه مسز هارولد يا إيثل.
إيثل :
كيف حالك (تنحني مسز هارولد، وتتجه إيثل مرة أخرى صوب الزهور فوق البيانو) .
مسز كريج :
سوف تقيم مس لاندرث معنا هنا أسبوعا أو أسبوعين يا مسز هارولد؛ ولذا فكم أود أن تتأكدي من أن كل شيء مرتب في تلك الحجرة المنزوية.
Página desconocida
مسز هارولد :
حسنا، سوف أفعل. (تهبط ميزي الدرج.)
مسز كريج (تتحرك صوب المرآة، وتخلع معطفها) :
هلا أتيت بكوب ماء من فضلك يا مسز هارولد!
مسز هارولد :
سأفعل يا سيدتي، هل تريدين كوبا واحدا؟
مسز كريج :
نعم واحدا، فلست أريد لنفسي شيئا. (تخرج مسز هارولد مرة أخرى.)
إيثل :
أليست هذه الزهور جميلة؟ (ترفع مسز كريج عينيها عن ميزي وهي تجمع أمتعة إيثل من فوق النضد وتنظر نحو الزهور نظرة ثابتة)
Página desconocida