El tiempo en la filosofía y la ciencia
الزمان في الفلسفة والعلم
Géneros
لقد تحطم وهم المطلق حين تحطم الزمان والمكان المطلقان المنفصلان، تحت وطأة المتصل الزماني-المكاني الرباعي الأبعاد؛ حيث نجد الزمان قد يصبح مكانا، والمكان قد يصبح زمانا. ولم تعد المسافة هي البعد بين نقطتين مكانيتين بحتتين، بل هي البعد بين نقطتين متحركتين أو حادثتين يفصل بينهما فترة زمانية، بالإضافة إلى الفترة المكانية، بحيث تأتي المسافة بجمع مربع الطول مع مربع العرض ثم مربع الارتفاع، ثم طرح مربع الفاصل الزمني من ذلك. وفي هذا يقول آينشتاين إنه يمكن تحديد المسافة ذات الأبعاد الأربعة بتعميم بسيط لنظرية فيثاغورث ، وإن هذه المسافة تلعب دورا أساسيا في العلاقات الفيزيائية بين الأحداث الكونية أهم من الدور الذي يلعبه الفاصل الزمني وحده،
24
وبالطبع لم تكن المسألة بهذه البساطة، بل أجرى آينشتاين من العلاقات الرياضية شديدة التعقيد ما يحافظ على طبيعة البعد الزماني، دامجا المكان والزمان في وحدة واحدة ترسي القانون «إذا وقع حادثان في المكان نفسه لكن في لحظتين مختلفين من وجهة نظر مشاهد، فيمكن اعتبارهما قد وقعا في مكانين مختلفين إذا نظر إليهما مشاهد في حالة حركية أخرى.» وعلى أساس تكافؤ الزمان والمكان الذي يجعل أحدهما دالا على الآخر يصح العكس، فإذا وقع حادثان في اللحظة نفسها، فيمكن اعتبارهما قد وقعا في لحظتين مختلفتين إذا نظر إليهما مشاهد آخر في حالة حركية أخرى. وأيضا إذا وقع حادثان في اللحظة نفسها من وجهة نظر مشاهد؛ فإن هذين الحادثين - من وجهة نظر مشاهد آخر في حالة حركية أخرى - يكونان منفصلين عن بعضهما بفترة زمانية معينة.
25
كل هذه المتغيرات المتحركة في تحديد الزمان، والتي تجعل حادثا بعينه ماضيا لمشاهد ومستقبلا لمشاهد آخر، نجم عنها ما يعرف بالتآني؛ أي استحالة الحكم بأن حادثا وقع قبل أو بعد الآخر، كما يشترط التحديد العلي للأحداث إلى علة سابقة ومعلول لاحق في خط الزمان الواحد المطلق. لقد تلاشت العلية، كما سبق أن تلاشت في الكوانتم، لكن النسبية تنفي أيضا خاصية عدم قابلية الزمان والأحداث للارتداد؛ فالأحداث توجد بحيث يمكن افتراض تتابعها الزماني في الاتجاه المعاكس، بحيث انتهى التسلسل الزماني الكلاسيكي، ومع النسبية أصبح الذهن البشري يستطيع إدراك نظم مختلفة للترتيب الزماني، النظام الكلاسيكي مجرد واحد منها.
ربما كان التوغل بإشكالية الزمان إلى كل هذا الحد، أكثر من أن نستطيع استيعابه بسهولة، فقوانين الديناميكا الحرارية غير القابلة للانعكاس، والظواهر التي تعكس اتجاها وترتيبا زمانيا واضحا، وأبسطها الفيلم السينمائي وآثار الأقدام على الرمال والحفريات ... إلخ. كلها يمكن أن تهب دفاعا عن الزمان غير القابل للارتداد والذي اغتالته النظرية النسبية. وقد تصدى لهذه المشكلة كثيرون، أهمهم هانز رايشنباخ الذي أسمى هذه الظواهر «أنساق فرعية» تنشأ عن ظروف أو شروط مبدئية معينة، وليس عن طبيعة القوانين الفيزيائية أو الزمان. إنها «أنظمة ثانوية» داخل النظام الكوزمولوجي الكوني الذي لا يعني البتة أن الزمان له اتجاه معين أو ترتيب أوحد، ويمكن أن نأخذ هذه الأنساق الفرعية مأخذا برجماتيا؛ أي: نتصرف على أساسها بغير حاجة للدخول في النظريات الشديدة العمومية.
26
إن هذا يذكرنا بالفجوة الواسعة، إن لم نقل التناقض بين الصورة الكوزمولوجية التي يرسمها العلم المعاصر - علم النسبية والكوانتم - وبين الصورة الكوزمولوجية الكائنة في الحس المشترك - خبرة الإنسان العادي في الحياة اليومية - والتي كانت تتفق تماما مع الصورة الكوزمولوجية للعلم النيوتوني، بكتله المتحركة في زمان ومكان مطلقين ومنفصلين. إن الحس المشترك لا يستطيع الصعود إلى مستوى التجريد الذي بلغه زمان النسبية، فاشتهر عن قابليته للارتداد الزجل الشعبي:
كان هناك سيدة اسمها شوء
تسبق في سيرها الضوء
Página desconocida