La Flor Fragante en la Mención de Quienes se Distancian de los Pecados y las Indignidades

Ibn Jazari d. 833 AH
25

La Flor Fragante en la Mención de Quienes se Distancian de los Pecados y las Indignidades

الزهر الفائح في ذكر من تنزه عن الذنوب و القبائح

Investigador

محمد عبد القادر عطا

Editorial

دار الكتب العلمية

Número de edición

الأولى

Año de publicación

١٤٠٦ هـ - ١٩٨٦ م

Ubicación del editor

بيروت - لبنان

إياك مخالفة الله في أمره وقال بعض الصالحين: رأيت غلامًا قد انقطع عن الناس وهو قائم يصلي، فانتظرته حتى فرغ من صلاته، فسلمت عليه وقلت له: أما معك مؤنس؟ قال: نعم، قلت: وأين هو؟ قال: أمامي، وخلفي، وعن يميني، وعن شمالي، ومن فوقي، ومن تحتي، فقلت في نفسي: إن عنده معرفة، فقلت له: هل عندك زاد؟ قال: نعم، فقلت: وأين هو؟ قال: الإخلاص لله ﷿ والتوحيد، والإقرار لنبيه محمد ﷺ، قلت له: يا سيدي: إن لي عندك حاجة، قال: وما هي؟ فقلت: أن تدعو الله تعالى لي، فقال: حجب الله طرفك من كل معصية وألهمك بفكرة فيما يرضيه حتى لا يكون لك همة إلا هو، قلت: يا سيدي، متى ألقاك؟ قال لي: أما اللقاء في الدنيا فلا تحدث نفسك بلقائي، وأما الآخرة فإنها لجميع المتقين، وإياك أن تخالف الله تعالى فيما أمرك به وندبك إليه، وإياك إن كنت تبتغي لقائي فاطلبني مع الناظرين إليه، قلت له: وكيف ذلك، قال: بتغضيض بصري عن كل محرم واجتنابي عن كل مسكر، وقد سألت الله تعالى أن يجعل جنتي النظر إليه، ثم صاح يسعى وأقبل يسعى، حتى غاب عن بصري. وقال الأصمعي رضي الله تعالى عنه: رأيت، أعرابيًا في الطواف وهو أرمد العينين والقذى يسبل من عينيه وهو لم يزل قذاهما، فقلت له: ما بالك لا تزيل القذى من عينيك؟ فقال: إن الطبيب زجرني عن ذلك، ولا خير فيمن لا يزجر بالطبيب، إذا نهاه فلا ينتهي، فقلت له: أي شيء تشتهي؟ فقال: أشتهي لكن أحتمي، لأني رأيت أهل الجنة غلبت حميتهم على شهوتهم، فهم لا يشتهون بعدها أبدًا. ورأيت أهل النار غلبت شهوتهم على حميتهم فلذلك افتضحوا وشقوا شقاوة لا يسعدون بعدها أبدًا. وحكي عن الحسن البصري ﵁ انه مشى خلف جزارة، فلما بلغ

1 / 33