ذكر محمد بن أحمد بن أبي بكر البناء المقدسي البشاري (توفي نحو 380ه/نحو 990م) حديث الملك المتسبب بظاهرة المد والجزر دون أن يعلق عليه لا سلبا ولا إيجابا، حيث قال: «ولهذا البحر الصيني زيادات في وسط الشهر وأطرافه وفي كل يوم وليلة مرتين، ومنه جزر البصرة ومدها إذا زاد دفع دجلة فانقلبت في أفواه الأنهار وسقت الضياع فإذا نقص جزر الماء، وقد اختلف الناس في سببه فقال قوم ملك يغمس فيه إصبعه كل يوم فيمد فإذا رفع إصبعه جزر. وقال كعب الأحبار لقي الخضر ملكا فقال: أخبرني عن المد والجزر فقال الملك: إن الحوت يتنفس فينساب الماء إلى منخريه فذلك الجزر ثم يتنفس فيخرجه من منخريه فذلك المد.»
70 (2-8) إخوان الصفا (القرن 4ه/10م)
ناقش إخوان الصفا وخلان الوفا (القرن 4ه/10م) ظاهرة المد والجزر معتمدين على ما سبق وطرحه الكندي.
قالوا: «وأما علة مدود بعض البحار في وقت طلوع القمر ومغيبه دون غيرها من البحار فهي من أجل أن تلك البحار في قرارها صخور صلبة فإذا أشرق القمر على سطح ذلك البحر وصلت مطارح شعاعاته إلى تلك الصخور والأبحار التي في قرارها ثم انعكست من هناك راجعة فسخنت تلك المياه وحميت ولطفت وطلبت مكانا أوسع وارتفعت إلى فوق ودفع بعضها بعضا إلى فوق وتموجت إلى سواحله وفاضت على سطوحها وأرجعت مياه تلك الأنهار التي كانت تنصب إليها إلى خلف فلا يزال ذلك دأبها ما دام القمر مرتفعا إلى وتد سمائه فإذا انتهى إلى هناك وأخذ ينحط سكن عند ذلك غليان تلك المياه وبردت وانضمت تلك الأجزاء وغلظت ورجعت إلى قرارها وجرت الأنهار على عاداتها فلا يزال ذلك دأبها إلى أن يبلغ القمر إلى أفق تلك البحار الغربي منها. ثم يبتدئ المد على مثل عادته وهو في الأفق الشرقي ولا يزال ذلك دأبه حتى يبلغ القمر إلى وتد الأرض أخذ المد راجعا إلى أن يبلغ القمر إلى أفقه الشرقي من الرأس.»
71 (3) المبحث الثالث: علماء القرن (5ه/11م)
في هذا القرن ناقش خمسة علماء ظاهرة المد والجزر. فمنهم من ربط بين الظاهرة وحركة القمر، ومنهم من اعتمد على نظريتي الكندي وأبي معشر. (3-1) أبو علي المرزوقي
رد أحمد بن محمد بن الحسن أبو علي المرزوقي (توفي 421ه/1030م) على المنجمين الذين يتشاءمون من رؤية هلال، وكيف أنهم يجهلون فوائده سواء بالنسبة للمواقيت أو بالنسبة لظاهرة المد والجزر في البحار. حيث قال المرزوقي: «والمنجمون يزعمون أن الهلال نحس، ونحن نجد عامة حاجات الناس إنما تجزئ مع الأهلة منها التاريخات كلها ... وزيادة المد، ونقصان الجزر.»
72 (3-2) أبو الريحان البيروني
تناول أبو الريحان البيروني (توفي 440ه/1047م) ظاهرة المد والجزر، وقال إن أهل الاختصاص يعرفون هذه الظاهرة، في اليوم بطلوع القمر وغروبه، وفي الشهر بزيادة نوره ونقصانه.
73
Página desconocida