تفسير ظاهرة المد والجزر عند العلماء العرب والمسلمين
مقدمة
من المعروف حاليا أن المد والجزر ظاهرة جغرافية-فلكية طبيعية تنشأ من عدم تساوي جاذبية كل من القمر والشمس للأرض في أجزائها المختلفة وأن النصف المواجه للقمر ينجذب ماؤه أكثر من النصف الآخر؛ وذلك لأن القمر أقرب إلى الأرض من الشمس البعيدة، ويتأرجح المد والجزر وفقا لتغير مواقع الشمس والقمر من الأرض بالتباعد أو التلاقي أو الانحراف على مدار الشهر. وعند تلاقي القمر والشمس على مستو واحد من الأرض - كما يحدث في أول الشهر ومنتصفه - يحدث المد الأعظم.
توجد نظرية حديثة تحاول تفسير المد والجزر تقول بتكوين موجة مدية كبرى في المسطح المائي في المحيطات الهادئ والأطلسي والهندي. وهذه الموجة تندفع من الجنوب إلى الشمال متفرعة إلى ثلاث شعب في المحيطات المذكورة. وتتفرع الموجة التي تدخل المحيط الأطلسي في شماله إلى فرعين: أحدهما يدخل بحر الشمال، والآخر يواصل سيره إلى جرينلاند. وعندما تصطدم الموجة المدية القادمة من الجنوب بسواحل فرنسا الشمالية ترتد ثانية إلى الشاطئ الإنكليزي، فتحدث على الشاطئ الجنوبي لإنكلترا موجتي مد عال مزدوجتين يفصل بينهما زمن قدره ساعتان وهذه حالة خاصة تعرف بالمد المزدوج.
1
كما أنه توجد عوامل طبيعية أخرى - إضافة لجاذبية الشمس والقمر - تؤثر على ظاهرة المد والجزر كالرياح واتجاهها؛ إذ عندما تهب الرياح نحو الشاطئ فإنها تسرع من دخول التيارات المتولدة عنها إلى الخلجان، وبذلك يزيد ارتفاع المد أكثر من المقدار المحسوب له، وقد يحدث قبل وقته، وقد تجعله الرياح يستمر في ارتفاعه مدة طويلة. وإذا كان اتجاه الرياح نحو البحر، فتؤخر من حدوث المد وتقلل من ارتفاعه. أيضا يؤثر الضغط الجوي على ارتفاع الماء، فإذا ارتفع الضغط انخفض الماء، وإذا انخفض الضغط ارتفع الماء.
2
ويبدو من خلال أشعار عرب الجاهلية أنهم عرفوا ظاهرة المد والجزر، كما سجلوا لنا ذلك؛ فقد قال سهم بن حنظلة الغنوي (نحو 70ه/نحو 690م):
مد الخليج ترى في مده تأقا
وفي الغوارب من آذيه حدبا
Página desconocida