26
عن الحد المعلوم من هذه الدلالة، وإن كان التعديل الذي يزيده أو ينقصه من وسط القمر كان زيادة المد أو نقصانه قليلا، فإن كان كثيرا كان ذلك كثيرا، ومثل هذا العمل الذي عملناه من تعديل القمر يعرف أيضا زيادة المياه والمدود أو نقصانه في الأودية والأنهار الجارية؛ لأنه إذا كان تعديل القمر يزداد على وسطه وكان ذلك في أيام مدود الأودية والأنهار فإنها تزيد في تلك الأيام، وإن كان تعديل القمر ينقص عن وسطه تنقص مياهها، وإذا لم يخرج ما يزاد على وسطه أو ينقص منه يكون ماء الأنهار والأودية غير زائد ولا ناقص.
والجهة الثالثة:
موضع القمر من فلك البروج وبعده أو قربه من الأرض، وهو أن ينظر إلى القمر فإن كان قد جاز رأس أوجه بتسعين درجة إلى أن يبلغ مائتين وتسعين درجة فإنه هابط في فلك أوجه وكان ماء المد في هذه الأيام قويا عاليا، وإن كان خلاف ذلك كان القمر صاعدا في فلك أوجه كان ماء المد ضعيفا قليلا من هذه الجهة.
والجهة الرابعة:
أن ينظر إلى صعود القمر وهبوطه في الفلك المائل وجهة عرضه، فإن كان القمر هابطا كان المد كثيرا قويا، وإن كان صاعدا كان المد قليلا ضعيفا.
والجهة الخامسة:
أن ينظر إلى القمر فإن كان في البروج الشمالية وهي من أول الحمل إلى آخر السنبلة فإن كان المد في البحار الشمالية يكون قويا عاليا؛ وذلك لأن القمر يكون مسامتا لها، وإن كان القمر في البروج الجنوبية كان الماء في البحار الشمالية ضعيفا وذلك لبعد القمر عن مسامتتها. وأما البحار الجنوبية فإنها تخالف ما ذكرنا؛ لأن القمر إذا كان في البروج الجنوبية وهي من أول الميزان إلى آخر الحوت فإن البحار الجنوبية تكون كثيرة المد كثيرة الماء، وإن كان القمر في البروج الشمالية كان ضعف المد وقلة الماء في البحار الجنوبية، وهذه حكومة كلية وهي أن تنظر إلى القمر فإن سامت موضعا من البحار في الشمال أو في الجنوب كان المد هناك قويا كثيرا، ولا سيما إن كان القمر زائدا في ضوئه قد جاوز التربيع الأول، وكان هابطا والمد الذي يكون والقمر في أفق موضع من مواضع البحر إلى أن ينتهي إلى وسط سماء ذلك الموضع يكون أقوى من المد الذي يكون والقمر فيما بين المغرب إلى الرابع، وكون القمر في البروج المائية الرطبة أو مع الكواكب المائية أو مع الكواكب الهابطة واتصاله بها قد يزيد في قوة المد وفي ماء الأنهار والعيون ومقارنة القمر للكواكب الصاعدة، قد يقلل ماء المد وماء الأنهار والعيون.
والجهة السادسة:
الأيام التي يسمونها البحريون الذين هم في ناحية المغرب ومصر أيام زيادة الماء ونقصانه، وذلك أنهم ينظرون إلى أيام الشهر العربي وهي تسعة وعشرون يوما وأجزاء من يوم فيقسمونها بأربعة أقسام فيكون كل قسم قريبا من تسعة أيام ونصف، فيسمون كل قسم منها باسم؛ فمن أول يوم السابع والعشرين من أيام الشهر إلى ثلاثة أيام ونصف تخلو من الشهر الذي يتلوه يسمونه أيام نقصان المد، ومن بعد ثلاثة أيام ونصف من أول الشهر إلى تمام أحد عشر يوما من الشهر القمري يسمونها أيام زيادة الماء، ومن أول اثني عشر يوما إلى تمام ثمانية عشر يوما ونصف يسمونها أيام نقصان الماء، ومن بعد ثمانية عشر يوما ونصف إلى تمام ستة وعشرين يوما يسمونها
Página desconocida