305

Provisión para el viajero en el conocimiento de la interpretación

زاد المسير

Editor

عبد الرزاق المهدي

Editorial

دار الكتاب العربي

Edición

الأولى

Año de publicación

١٤٢٢ هـ

Ubicación del editor

بيروت

تَفَرَّقُوا: تتفرَّقوا، إلا أن التاء حذفت لاجتماع حرفين من جنس واحد، والمحذوفة هي الثانية، لأن الأولى دليلة على الاستقبال، فلا يجوز حذف الحرف الذي يدل على الاستقبال، وهو مجزوم بالنهي، والأصل: ولا تتفرقون، فحذفت النون، لتدلّ على الجزم.
قوله تعالى: وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ، اختلفوا فيمن أُريد بهذا الكلام على قولين:
أحدهما: أنهم مشركو العرب، كان القوي يستبيح الضعيف، قاله الحسن، وقتادة.
والثاني: الأوس والخزرج، كان بينهم حرب شديد، قاله ابن إسحاق. والأعداء: جمع عدو.
قال ابن فارس: وهو من عَدَا: إِذا ظَلم.
قوله تعالى: فَأَصْبَحْتُمْ أي: صرتم. قال الزجاج: وأصل الأخ في اللغة أنه الذي مقصده مقصد أخيه، والعرب تقول: فلان يتوخى مسارّ فلان، أي: ما يسره. والشَّفا: الحرف. واعلم أن هذا مثل ضربه الله لإشرافهم على الهلاك، وقربهم من العذاب، كأنه قال: كنتم على حرف حفرةٍ من النَّار، ليس بينكم وبين الوقوع فيها إلا الموت على الكفر. قال السّدّيّ: فأنقذكم منها محمّد ﷺ.
[سورة آل عمران (٣): آية ١٠٤]
وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (١٠٤)
قوله تعالى: وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ قال الزجاج: معنى الكلام: ولتكونوا كلكم أمة تدعون إلى الخير، وتأمرون بالمعروف، ولكن «من» هاهنا تدخل لتحض المخاطبين من سائر الأجناس، وهي مؤكدة أن الأمر للمخاطبين، ومثله: فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثانِ معناه: اجتنبوا الأوثان، فانها رِجس. ومثله قول الشاعر «١»:
أخو رغائبَ يُعطيها ويسألها ... يأبى الظُّلامَةَ منه النَّوفل الزفر
وهو النوفل الزفر. لأنه وصفه بإعطاء الرغائب. والنوفل: الكثير الإعطاء للنوافل، والزفر: الذي يحمل الأثقال. ويدل على أن الكل أُمروا بالمعروف والنهي عن المنكر قوله تعالى: كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ قال: ويجوز أن يكون أمر منهم فرقة، لأن الدعاة ينبغي أن يكونوا علماء بما يدعون إليه، وليس الخلق كلهم علماء ينوب بعض الناس فيه عن بعض، كالجهاد. فأما الخير، ففيه قولان: أحدهما: أنه الإسلام، قاله مقاتل. والثاني: العمل بطاعة الله، قاله أبو سليمان الدمشقي. وأما المعروف فهو ما يعرف كل عاقل صوابه، وضده المنكر، وقيل:
المعروف ها هنا: طاعة الله، والمنكر: معصيته.
[سورة آل عمران (٣): آية ١٠٥]
وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ ما جاءَهُمُ الْبَيِّناتُ وَأُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ (١٠٥)
قوله تعالى: وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا فيهم قولان: أحدهما: أنهم اليهود والنصارى، قاله ابن عباس، والحسن في آخرين. والثاني: أنهم الحروريّة «٢»، قاله أبو أمامة.

(١) هو أعشى باهلة- عامر بن الحارث- كما في «اللسان» مادة (نفل) .
(٢) حروراء: هي قرية بظاهر الكوفة وقيل على ميلين منها نزل بها الخوارج الذين خالفوا علي بن أبي طالب ﵁ فنسبوا إليها- انظر معجم البلدان ٢/ ٢٤٥.

1 / 312