Provisión para el viajero en el conocimiento de la interpretación
زاد المسير
Investigador
عبد الرزاق المهدي
Editorial
دار الكتاب العربي
Número de edición
الأولى
Año de publicación
١٤٢٢ هـ
Ubicación del editor
بيروت
الذين كانوا يظهرون للنبيّ ﷺ من الإيمان ما يلقون رؤساءهم بضدّه، قاله الحسن.
فأما التفسير: ف «إلى»: بمعنى «مع»، كقوله تعالى: مَنْ أَنْصارِي إِلَى اللَّهِ «١» أي: مع الله.
والشياطين: جمع شيطان، قال الخليل: كل متمرّد عند العرب شيطان. وفي هذا الاسم قولان:
أحدهما: أنه من شطن، أي: بعد عن الخير، فعلى هذا تكون النون أصليَّة. قال أميَّة بن أبي الصَّلت في صفة سليمان ﵇:
أيما شاطنٍ عصاه عكاه ... ثم يُلقى في السّجن والأغلال
عكاه: أوثقه. وقال النابغة:
نأت بسعاد عنك نوىً شطون ... فبانت والفؤاد بها رهين
والثاني: أنه من شاط يشيط: إِذا التهب واحترق، فتكون النون زائدة. وأنشدوا:
وقد يشيط على أرماحنا البطل «٢»
أي: يهلك. وفي المراد: بشياطينهم ثلاثة أقوال: أحدها: أنهم رؤوسهم في الكفر، قاله ابن مسعود، وابن عباس، والحسن، والسّدي. والثاني: إِخوانهم من المشركين، قاله أبو العالية، ومجاهد.
والثالث: كهنتهم، قاله الضَّحاك، والكلبي.
قوله تعالى: إِنَّا مَعَكُمْ. فيه قولان: أحدهما: أنَّهم أرادوا: إنا معكم على دينكم.
والثاني: إِنا معكم على النّصرة والمعاضدة. والهزء: السّخرية.
[سورة البقرة (٢): آية ١٥]
اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ (١٥)
قوله تعالى: اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ. اختلف العلماء في المراد، باستهزاء الله بهم على تسعة أقوال:
أحدها: أنه يفتح لهم باب من الجنة وهم في النار، فيسرعون إليه فيغلق، ثم يفتح لهم باب آخر، فيسرعون فيغلق، فيضحك منهم المؤمنون. روي عن ابن عباس. والثاني: أنه إذا كان يوم القيامة جمدت النَّار لهم كما تجمد الإِهالة «٣» في القدر، فيمشون فتنخسف بهم. روي عن الحسن البصري.
والثالث: أن الاستهزاء بهم: إذا ضرب بينهم وبين المؤمنين بسور له باب، باطنه فيه الرحمة وظاهره من قبله العذاب، فيبقون في الظلمة، فيقال لهم: ارْجِعُوا وَراءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُورًا «٤»، قاله مقاتل. والرابع: أن المراد به: يجازيهم على استهزائهم، فقوبل اللفظ بمثله لفظًا وإن خالفه معنى، فهو كقوله تعالى:
وَجَزاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُها «٥»، وقوله: فَمَنِ اعْتَدى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدى عَلَيْكُمْ «٦» . وقال عمرو بن كلثوم:
_________
(١) الصف: ١٤.
(٢) هو عجز بيت للأعشى وصدره: قد نخضب العير في مكنون فائله.
- وانظر «المعجم المفصل» . والفائل: عرق من الفخذ يكون في خربة الورك ينحدر في الرجلين، ومكنون فائله: دمه الذي كنّ فيه. وأراد: إنا حذّاق بالطعن.
(٣) الإهالة: الشحم.
(٤) الحديد: ١٣.
(٥) الشورى: ٤٠.
(٦) البقرة: ١٩٤. [.....]
1 / 34