Utopía: Una Introducción Muy Corta
اليوتوبية: مقدمة قصيرة جدا
Géneros
لكن أفرز آخرون صورة أكثر تعقيدا، وكتبت نادين جورديمر (المولودة عام 1923 والحاصلة على جائزة نوبل في الآداب لعام 1991) عددا من الروايات حول ما أطلقت عليه «الفجوة» بين هيمنة البيض والتغيير القادم، والتي كانت أحداثها تدور غالبا في المستقبل القريب. وتصور رواياتها، مثل «شعب يوليو» (1981) و«رياضة الطبيعة» (1987)، نطاق العلاقات العرقية بأكمله في جنوب أفريقيا، وأحيانا ما تبسطه إلى أجزاء أخرى من أفريقيا، ولكن تؤكد على أن التغيير آت لا محالة، وأنه، رغم أن اتجاه التغيير كان إشكاليا، يمكن تحسين الديستوبيا الحالية.
وعندما حدث التغيير، كانت أول قضية يتم تناولها هي ضرورة وضع دستور جديد، ويعتقد الكثير من الجنوب أفريقيين أن الدستور يوتوبي بحق، رغم أن تفعيله لم يكن كذلك. وفي الواقع، يراه كثيرون ديستوبيا. واليوم، كثير من الجنوب أفريقيين، سواء السود أو البيض أو الملونون، غير راضين بشدة عن إيقاع و/أو اتجاه التغيير، ونشر عدد من الأعمال الجنوب أفريقية في حقبة ما بعد الفصل العنصري اهتمت بالمستقبل، أغلبها - كما هو الحال في سائر العالم - ديستوبية، وبعضها يصور مستقبلا انتكست فيه جنوب أفريقيا وعادت إلى نظام الفصل العنصري، مثل «جنوب أفريقيا 1994-2004» (1991)، التي نشرت تحت الاسم المستعار توم بارنارد، و«جاكوب» (1993)، لإدوارد لوري، و«قناع الحرية» (1994)، لبيتر فيلهيلم (المولود عام 1943). (6) يوتوبية ما بعد الكولونيالية
رغم استمرار عدد قليل جدا من المستعمرات على الطراز القديم، فلا تزال الهجرة قائمة في ظل بحث الناس عن حياة أفضل. وإطلاق أحفاد المهاجرين الأوائل على مهاجري اليوم «المهاجرين الاقتصاديين» استخفافا بهم يتجاهل حقيقة أنه دائما ما كان للهجرة بعد اقتصادي، رغم أنه في حالات معينة كان لعوامل أخرى أهمية مكافئة أو أكبر.
وتختلف بعض الشيء يوتوبية ما بعد الكولونيالية في مستعمرات المستوطنين عن يوتوبية ما بعد الكولونيالية في المستعمرات التي صممت في الأساس لاستغلال مواردها البشرية والمادية. ورغم أن ذرية السكان الأصليين كانت تستخدم يوتوبيات المستوطنين لتبرير التغيير؛ فإنه في بعض البلدان كانت ذرية المستوطنين تشرع في استيعاب أساطير السكان الأصليين، بما فيها أساطيرهم اليوتوبية، ودمجها في يوتوبياتهم الجديدة. وفي المستعمرات الاستغلالية، استخدم نفس الإرث السياسي للقوى الكولونيالية لتبرير الاستقلال، إلا أن اليوتوبيات التي كتبت، التي سنناقشها في الفصل القادم، انشغلت على نحو مباشر بقضايا محلية، لا سيما الإشكاليات التي صاحبت الاستقلال. (7) التجارب اليوتوبية
أصبحت مستعمرات المستوطنين أماكن للتجريب اليوتوبي؛ فمنذ عام 1659، أنشئت مجتمعات مقصودة داخل المستعمرات الأمريكية. وبينما أنشئ أول مجتمع على هذا الغرار في ديلاوير على يد الهولندي بيتر بلوكوي (1629 تقريبا-1700 تقريبا )، وكانت فيه حرية دينية، فإن أغلب المجتمعات الأولى أسسها ألمان، مثل مجتمع إفرتا في بنسلفانيا، وكانت دينية دون وجود حرية دينية داخلها.
وعد دستور 1917 في المكسيك باستعادة نظام زراعة الأرض الجماعية (الإيخيدو)، الذي يرى المكسيكيون أنه يعود لشعوب الآزتك. وفي هذا النظام، تملك الحكومة الأرض، لكن يتم الانتفاع بها على نحو مشترك، وبموجب الإصلاحات التي أدخلت في ثلاثينيات القرن العشرين، كان للفلاحين حق الانتفاع ما دام أنها يتم الانتفاع بها فعليا، ويمكنهم توريث هذا الحق إلى أطفالهم. ألغي هذا الحق في تسعينيات القرن العشرين، لكن لا تزال بعض المناطق التي تتم زراعتها باستخدام هذا النظام موجودة حتى الآن.
لم يكن هناك الكثير من المجتمعات المقصودة في أمريكا الجنوبية، لكنها كانت موجودة أو لا تزال موجودة اليوم في البرازيل وتشيلي وكولومبيا والإكوادور وباراجواي. كان «كولونيا ديجنيداد» مجتمعا ديستوبيا في تشيلي تأسس عام 1961، وقد سجن قائده بتهمة الاعتداء الجنسي على الأطفال. وهناك ما يشير إلى سماحه للنظام العسكري الحاكم في تشيلي تحت قيادة الجنرال أوجستو بينوشيه (1915-2006) باستخدام منشآت المجتمع لتعذيب خصوم النظام.
أما باراجواي، فقد جذبت عددا من المجتمعات من بلدان أخرى لتستوطن بها؛ ففي نهاية القرن التاسع عشر، تأسست منطقة نويفا جرمانيا بهدف خلق مجتمع آري نقي، ولا تزال ذرية سكانها الأصليين تقطن المنطقة. وفي الوقت ذاته، أسس ويليام لين (1861-1917)، القيادي العمالي الأسترالي، وأتباعه منطقتي نيو أستراليا وكوزمي. وعلى رغم أن المجتمعين لم يستمرا لفترة طويلة، وعودة لين وكثيرين غيره إلى أستراليا، فلا يزال من ذرية الأستراليين من يعيشون بالمنطقتين. وفي عشرينيات القرن العشرين، استقر المينوناتيون من أوروبا وأمريكا الشمالية في باراجواي وأسسوا مجتمعات لا تزال موجودة حتى الآن.
أصبحت أستراليا مركزا لحركة المدينة الحدائقية، التي نشأت مع العمل اليوتوبي الإنجليزي «الغد: طريق سلمي لإصلاح حقيقي» (1898)، المشهور باسم «مدن الغد الحدائقية» (1902)، لصاحبها إبنزر هاوارد (1850-1928). وتأسست المدن الحدائقية في كثير من البلدان، مثل مدينة ليتشورث الحدائقية ومدينة ويلين الحدائقية في إنجلترا، ورادبيرن في نيوجيرسي بالولايات المتحدة الأمريكية. لكن يبدو أن أستراليا ضمت مجتمعات من هذا النوع أكثر من أي بلد آخر، وأن نصيب الفرد بها من المجتمعات المقصودة أكبر من أي بلد آخر غير إسرائيل، كما تملك نيوزيلندا عددا كبيرا من المجتمعات المقصودة.
تتخذ المجتمعات المقصودة أشكالا متنوعة، بما فيها المجتمعات الدينية المنعزلة على نحو صارم، مثل جلوريافيل في نيوزيلندا، والمجتمعات العلمانية المفتوحة للأعضاء الجدد والزيارات من الغرباء، مثل توين أوكس في الولايات المتحدة الأمريكية، وهي تتفاوت من حيث الحجم؛ ففيها ما دون الاثني عشر عضوا حتى مئات الأعضاء. ثمة مجتمعات أنشئت منذ مئات السنين، وثمة مجتمعات ظلت في المكان نفسه قرابة المائة عام، وثمة مجتمعات يافعة، وهناك مجتمعات مقترحة كثيرة تنتظر إنشاءها.
Página desconocida