Utopía: Una Introducción Muy Corta
اليوتوبية: مقدمة قصيرة جدا
Géneros
لسنوات طوال، ضمت بلجيكا مجتمعات مصممة للمرضى العقليين، وانتشرت هذه المجتمعات العلاجية بعد ذلك في دول العالم؛ ففي الولايات المتحدة الأمريكية، وفر مجتمع «جولد فارم» في ماساتشوستس ومجتمع «كوبريس» في نورث كارولاينا منذ فترة طويلة مثل هذا الإطار. ومجتمعات كامبهيل في جميع أنحاء العالم، التي تقوم على تعاليم المفكر النمساوي رودولف شتاينر (1861-1925)، تعمل مع أصحاب إعاقات التعلم، والذين لديهم مشكلات عقلية وغيرها من ذوي الاحتياجات الخاصة، وتوفر لهم بيئة آمنة وداعمة يستطيعون فيها باعتبارهم أفرادا تطوير مهاراتهم قدر الإمكان.
ثمة مجموعة من المجتمعات تعتبر نسخة مختلفة من المجتمعات العلاجية هي مجتمعات العمال الكاثوليك، التي تأسست لمساعدة مدمني الكحوليات ومدمني المخدرات وغيرهم ممن هم موجودون بقاع السلم الاجتماعي على تحسين حالهم. تضم تلك المجتمعات منازل العمال الكاثوليك الموجودة في أسوأ المناطق بالمدن الكبرى وعددا من المجتمعات الريفية؛ حيث يمكن للناس الذهاب إليها لاستنشاق بعض الهواء النقي وممارسة بعض النشاط البدني للمساعدة على شفائهم. وكانت هناك نسخة أقدم ومماثلة جدا من تلك المجتمعات، تمثلت في المجتمعات التي أسسها «جيش الخلاص» في نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين. تأسست كل من المستعمرات الحضرية والريفية، وكانت الخطة تتمثل في التوسع في بناء مستعمرات خارج البلاد؛ حيث يستطيع من أحرزوا نجاحا في المجتمعات الريفية بدء حياة جديدة تماما. (7) عوامل نجاح المجتمعات أو إخفاقها
ما الذي يجعل مجتمعا ما ناجحا أو فاشلا؟ ثمة إجابة نموذجية؛ وهي فترة استمراره. كان المعيار النموذجي هو 25 عاما، واقترحته روزابيث موس كانتر (المولودة عام 1943)، الأستاذة التي تشغل كرسي إرنست إل آرباكل بكلية هارفرد لإدارة الأعمال، في كتابها «الالتزام والمجتمع» (1972)، لكن بالنسبة لأغلب أعضاء المجتمعات، فإن هذا معيار معيب بصورة بالغة؛ ففي حين توجد مجتمعات كثيرة اليوم تجاوزت معيار الخمسة والعشرين عاما بزمن طويل، بما فيها عدد كبير تأسس في فترة الستينيات، ويعتقد عموما أنها انتهت منذ أمد بعيد، فإن فترة الاستمرار ليست هي المعيار الأهم لنجاح المجتمع أو فشله بالنسبة للكثيرين.
لا يعني استمرار المجتمع أنه ضم نفس السكان. بعضها فعل هذا، وأما البعض الآخر فلا، لكن أغلب المجتمعات حظي بمعدل تعاقب سكاني ضخم. يبدو في الواقع أن افتراضات كانتر تناسب المجتمعات الدينية التي استمر بعضها لعدة أجيال. فإن أمرك الرب أو ممثل الرب بالبقاء فستبقى. وفي حين أن فترة الاستمرار يمكن أن تكون مقياسا للنجاح عندما تجتمع مع عوامل أخرى، فهي وحدها لا تشكل أي معنى. ومع أن كانتر نفسها كانت تدرك ذلك، فإن هذا المعيار البسيط مع ذلك جرى تطبيقه على يد آخرين منذ ذاك الحين.
يورد المفكر التقدمي الأمريكي هنري ديمارست لويد (1847-1903) أحد المداخل لتناول مسألة نجاح أو فشل المجتمعات:
هل تفشل المجتمعات على الدوام؟ لم تشاهد إلا في تلك المجتمعات، في الحدود الواسعة للولايات المتحدة، حياة اجتماعية امحى فيها الجوع والبرد، والدعارة، وإدمان الكحوليات، والفقر، والعبودية، والجريمة، والشيخوخة المبكرة، وارتفاع معدل الوفيات والذعر والهلع الصناعي. لو كانت قد فعلت ذلك لعام فحسب، لكانت استحقت أن توصف بأنها «المجتمعات» الناجحة الوحيدة بهذه القارة، وبعضها يبلغ من العمر أجيالا عديدة. وكل هذا لم يقم به قديسون بالسماء، بل على الأرض على يد رجال ونساء عاديين.
ثمة معيار آخر، وهو معيار سيقدره أفراد المجتمعات، يتمثل في أن نجاح المجتمع يعتمد على قدر وفائه باحتياجات أعضائه مهما بلغت مدة عضويتهم فيه. بالنسبة لأغلب الأعضاء، فإن نجاح المجتمع لا يقاس بفترة استمراره، وإنما بمدى تحسينه أو عدم تحسينه لحياتهم في الفترة التي كانوا فيها أعضاء فيه. بالطبع تتنوع الاحتياجات بوضوح من عضو لآخر، وتتغير بتغير الناس؛ ومن ثم ستتغير الديناميكيات الداخلية للمجتمع بمرور الوقت. (8) التطورات الحديثة في التطبيق العملي لليوتوبيا
ثمة شكلان من أشكال التطبيق العملي الحديث لليوتوبيا، أحدهما متعلق بالمجتمعات المقصودة، يوضحان النحو الذي ابتعدت به اليوتوبية عن الفئات التقليدية. أولهما - الذي أطلق عليه حكيم بك (بيتر لامبورن ويلسون، المولود عام 1945) «المنطقة المستقلة المؤقتة»، وأطلق عليه جورج ماكاي (المولود عام 1960) ثقافة «افعلها بنفسك» - مساحة من النشاط المنشأة لغرض معين. يركز كل من حكيم بك وماكاي في هذا الشأن في المقام الأول على الاحتجاجات، إلا أنه يمكن إدراج مخيم الموسيقى السنوي للمثليات في ميشيجان وغيرها من الأماكن المؤقتة. وبالنظر إلى الماضي، يمكن أن نصف تلك الأماكن بأنها يوتوبية؛ لأنها أفرزت على نحو مؤقت ما رآه المشتركون بها حياة أفضل، وإن كانت لفترة قصيرة، وهي ترتبط بما سبقها من يوتوبيات مؤقتة مبكرة مثل الاحتفال بعيد الإله ساتورن، والصورة المبكرة من الكرنفال، وعيد البلهاء، وخيم الاجتماعات التي تقام من أجل إيقاظ الروح الدينية، و«أحداث» فترة الستينيات. وبعضها أنشأ مجتمعات دامت لفترة طويلة، مثل مخيم السلام النسائي في قاعدة جرينهام كومون الجوية في بيركشاير، بإنجلترا، الذي استمر من سبتمبر من عام 1981 حتى عام 2000.
يمكن كذلك وصف ظواهر مؤقتة على نحو أكبر بأنها يوتوبية؛ فهناك، على سبيل المثال، مبادرة «فري» الفنية الجماعية البريطانية التي تنشئ احتجاجا سياسيا في مكان عام من خلال، مجرد قصد مكان ما، عادة، حاملين شعارا ما، والوقوف هناك لساعات مكونين «منطقة مستقلة مؤقتة» أو مساحة يوتوبية مؤقتة حول أنفسهم، وهذا مجرد أسلوب من ضمن أساليب أخرى. ويصنع الأعمال الفنية الأشخاص الذين يتفاعلون معهم. وثمة الكثير من هذه المجموعات، لكن مجموعة «فري» تصف ما تفعله بأنه يوتوبي.
أحد جوانب تلك الظاهرة الأداء الفني. وفي كل أداء، سواء كان موسيقى أو رقصا أو تمثيلا مسرحيا أو بعض أشكال الفن الجماهيري، ثمة أمران على الأقل يحدثان؛ أحدهما بين المؤدين، والآخر لدى المشاهدين. وفي حالات نادرة، يجتمع الاثنان وتتشكل لحظة يوتوبية بحق، لكن في الأغلب، يوجد ما قد نفكر فيه على أنه لحظات يوتوبية أصغر. في الغالب، وإن كانت تلك حالات نادرة، يخلق المؤدون المساحة اليوتوبية فيما بينهم من خلال الأداء الفني. وقد أشار منظرو الأداء إلى هذا. فعلى سبيل المثال، كتبت جيل دولان، أستاذة المسرح بجامعة تكساس (المولودة عام 1957) تقول:
Página desconocida