El día que murió el diablo
يوم مات الشيطان
Géneros
اندهش مروان وهو يحدث نفسه: «يتحدثن بلغة غريبة وبالعربية، ولا يعرفن معنى كلمة زواج. في أي زمن أنت يا صنعاء؟!» ثم قال ضاحكا: «عقد زواج يعني أن تصبحن زوجاتي ملكي، لا يمسسكن غيري، وتحت إمرتي وطاعتي، وأنفق عليكن أنا.» ضحكن من كلامه، وقالت إحداهن: «نحن لا نعرف ما معنى زواج. وليس في هذا العصر من يمتلك أحدا، وارتباطنا معك هو أن تكون شريكا معنا في الحياة، والنسوة هن من ينفقن على الرجال وليس العكس.» ثم ذهبن للتشاور فيما بينهن: «من أين أتى شريكهن كريم بهذه الأفكار الغريبة؟!» وكان مروان يحدث نفسه: «ماذا يقلن هؤلاء النسوة! الرجال هم القوامون على النساء، وليس العكس، ثم كيف أرتبط شرعا بسبع نساء معا؟ وما نوع هذا الارتباط؟ صحيح أن رسول الله محمد
صلى الله عليه وسلم
تزوج تسع نساء معا، لكنه رسول الله لا يماثله أحد، وكان ذلك لحكمة يعلمها الله وأنا لست رسولا.» سألت إحداهن: ماذا جرى لك يا كريم، عفوا يا مروان؟! أنت تعرف أن كل سبع نساء يعشن معا، ويشكلن أسرة مع رجل واحد فقط، وعلى قاضي المدينة أن يبحث لكل سبع راشدات عن رجل، إن لم يجدن شريكا لهن. سأل مروان بغضب: من هذا القاضي الزنديق الذي يعقد بسبع نساء معا على رجل واحد؟! - ماذا؟ زنديق! ما معنى زنديق؟ - معناها يحلل الحرام.
كن في دهشة من كلمات لم يسمعن مثلها من قبل. ضحكن كثيرا وتحدثن فيما بينهن: «فعلا هذا الرجل ليس «كريم»، إنه لا يعرف عن عالمنا شيئا، أو أن فيروسا غريبا أصابه قد يلوث هذا العالم أجمع.» قالت إحداهن له: «أنت لا تعرف معنى مصطلح قاض، هو ليس إنسانا.» - ومن هو إذن؟! - هيوموروبوت، يقوم بتشكيل الأسر في المدينة وحول العالم أيضا، يبحث لهن عن شريك، وإنه يعرف كل شيء عن الإنسان منذ مولده. نحن السبع الآن نشكل أسرة حسب قانون العصر. - ما هذا القانون الذي يشرع الزواج بسبع نساء؟!
بينما النسوة في حيرة من أمر شريكهن، يتخوفن من اللقاء الحميمي معه، بقي مروان يفكر: «أربع زوجات وثلاث ملك يميني، لا ضير في ذلك! هكذا أجمع السبع تحت ظلي، لا يهمني أي دين تدين به البلاد، سأبقى على ديني في هذا العالم وأحاول نشره؛ لأحصل على الأجر والثواب من الله.» ثم سألهن وهو يبتسم هذه المرة: «ممكن أن أرتبط بأسرتين أو ثلاث؟» أجبنه بما أدهشه، بأنه يستطيع ذلك تحت ظروف خاصة. شعر مروان ببهجة وفرح غامر، وأخذ يحدث نفسه: «ثلاث أسر تساوي إحدى وعشرين امرأة، أربع زوجات والباقي ملك يمين، وبنفس طريقة اللقاء الحميمي التي شاهدتها أستطيع لقاءهن جميعا في يوم واحد. إنها الجنة فعلا، لا أظنني على وجه الدنيا.» ثم ضحك عاليا وقال: «لم يتبق لي إلا أن أتعرف على جهنم أين موقعها.»
حذرته النسوة من خطورة الضحك عاليا في الأماكن العامة، لكنه لم يعر لتحذيرهن أي اهتمام؛ فالضحك يعبر عن السعادة. كان يرى نفسه حينا في الدنيا، وحينا آخر في الجنة، لا سيما حين يرى ما لا يخطر على بال بشر، أناس تمر من أمامه في الجو كالطيور العملاقة، وهي تطوي أجنحتها دون أن تسقط، ومدينة لم تكن حتى في الخيال، وسبع نساء للرجل الواحد!
11
تأكدت النسوة أن فيروسا جديدا هاجم شريكهن، لا سيما بعد أن شاهدن شعره بدأ ينبت في ذقنه وفي صدره وسيقانه. قمن بتصويره بأبعاده الرباعية؛ لأخذ قياس ملابس جديدة له، فالتي يلبسها ضيقة عليه، وخلال ساعة وصل المطلوب مما أدهش مروان. شعر مروان بالخزي وهو يرتدي تلك الملابس، وأبدى ممانعة من الخروج بها، لكنه لم يجد مناصا من لبس تلك الثياب. انطلقت مركبتهن برفقة مروان، وحلقت في الجو الدافئ كبساط الريح الخيالي. خاف من التصادم بالمركبات اللاتي تقترب منهم مسرعة، فكان يغمض عينيه خوفا، ويقول لسائقة المركبة أن تحذر، وهي تضحك قائلة: أتخاف من التصادم؟ - نعم، سنسقط أرضا! - لا تخف، لا يحدث تصادم. - كيف؟!
أسرعت السائقة بالمركبة نحو مركبة أخرى، فأغمض مروان عينيه بقوة وازداد توتره، وضغط بقدمه على أرضية المركبة، لكن المركبة توقفت آليا بالقرب منها فجاءة، دون أن يكون هناك كوابح للمركبة. قالت السائقة له: «لكل مركبة مجال مغناطيسي يحميها من التصادم، حتى مع المنازل، ويمكن أن تطير المركبة بدون سائق، تذهب إلى السوق وتحضر شيئا، وتعود إلى المنزل.» سألها: «لماذا لا يسمع ضجيج المحركات؟!» قالت: «المركبات الهوائية تعمل ضد الجاذبية الأرضية، وبطاقة الاندماج النووي؛ لدفعها للأمام، وهناك طاقة البرق، والطاقة الكونية المتحولة.»
شاهد مزيدا من الأبراج الزاهية، والحدائق المعلقة تتدلى من شرفاتها ونوافذها، والكثير من خلايا النحل تعرش في أماكن عدة من شرفات المنازل، لكنه لم يشاهد طيورا في الجو. شاهد صحنا طائرا عملاقا يقف فوق جبل عيبان، قلن له : «ذلك هو مطار مقاطعة صنعاء الدولي.» تذكر مطارها في حياته، وشعر بالأسف. شاهد ما أذهله؛ إحدى ناطحات السحاب تنكمش إلى حجم كرة ملعب، كأنها خدعة بصرية. أخبرته النسوة أن هناك طاقة كونية، تسلط بواسطة الأقمار الصناعية التي تنقل الطاقة الكونية على أي مبنى حين ينتهي عمرها الافتراضي، تضغطها لتصبح بحجم كرة قدم، لا تستطيع أية آلة حملها. لم يكن لمروان من خيار إلا أن يصدق ما يشاهده؛ حتى لا يفقد عقله.
Página desconocida