أفغير دين الله يبغون وله أسلم من في السماوات والأرض طوعا وكرها وإليه يرجعون .
وكان لهذه العقيدة في اليوم الآخر سلطان كبير على عقول الناس، وردع للمجرمين عن إجرامهم، وتشجيع للمحسنين على إحسانهم، ومراقبة الله سرا وعلنا، ومحاسبة الضمير على كل عمل، والخوف من النار في الآخرة، وزادت هذه الحالة عند بعض الناس؛ فغلبوا جانب الخوف كالحسن البصري الإمام الكبير، فيحكون عنه أنه كان يرى دائما كأنه عائد من جنازة، وكان كثير التخويف بالنار وعذابها، وكذلك الغزالي ومن تبعه بالغوا في الترهيب حتى خلعوا قلوب الناس، وكان الصوفية أعدل في حكمهم لسلطنة شعور الحب عليهم فكانت رابعة العدوية تقول:
أحبك حبين حب الهوى
وحبا لأنك أهل لذاكا
والقرآن الكريم سلك طريقا وسطا بين الترغيب والترهيب. وقد دعا المسلمين إلى الإيمان باليوم الآخر تيقنهم من أن كثيرا من أعمال الخير في الدنيا لا ينال صاحبها عليها ثوابا، وكثيرا من أعمال الشر لا ينال صاحبها عليها عقابا، والعدل يقتضي أن يثاب المحسن ويعاقب المسيء، وليس هذا - كما يقول الشيوعيون - ناتجا من سوء النظام؛ فكل نظام اجتماعي لا يخلو من ظلم اجتماعي في الدنيا كما يقول الشيوعيون وأصحاب النشوء والارتقاء. •••
ثم يلي ما تقدم الإيمان بكتب الله الأخرى وملائكته ورسله:
لا نفرق بين أحد من رسله ، ولم يكن في العقائد الأخرى تسامح وإقرار بالنبيين الآخرين كالذي قرره القرآن من الاعتقاد بالله ورسله وكتبه، فيرى الإسلام أن كثيرا من الكتب الدينية كالتوراة والإنجيل لم تحفظ كما نزلت، وإنما دخل عليها التغيير والتبديل، كما يرى الإسلام أن كل أمة بعث فيها رسول:
وإن من أمة إلا خلا فيها نذير ،
منهم من قصصنا عليك ومنهم من لم نقصص عليك ، وأن القرآن آخر هذه الكتب، وأن محمدا آخر الرسل:
إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح والنبيين من بعده
Página desconocida