ثم ولّى الرشيد بعده عبد الملك بن صالح بن عليٍّ ثانيةً، فسعى به ابنه عبد الرحمن إلى الرشيد، وأوهمه أنه يطمع في الخلافة، فاستشعر منه، وقبض عليه في سنة ١٨٧.
وولّى على حلب وقنسرين ابنه القاسم بن هارون، وأغزاه الروم، ووهبه لله تعالى في سنة ١٨٧.
ورابط القاسم بدابق هذه السنة والتي بعدها، وقيل: إنّ أحمد بن إسحق بن إسماعيل بن عليّ بن عبد الله بن العباس ولي قنّسرين للرشيد، وقد كان ولّي له مصر، وعزله عنها سنة ١٨٩. ولا أتحقق ولايته في أيّ سنةٍ كانت.
وقد ذكر بعضهم أنّ عبد الله بن صالحٍ توفي في أيام المنصور. وقال بعضهم: إنّه توفي بسلمية سنة ١٨٦. فعلى هذا يكون الذي ولاّه الرشيد ابن ابنه عبد الله بن صالح بن عبد الله بن صالحٍ، والله أعلم.
ثم إنّ الرشيد ولّى حلب وقنّسرين خزيمة بن خازم بن خزيمة من قبل ابنه القاسم بن الرشيد في سنة ١٩٣. ولم يزل القاسم بن الرشيد في ولاية حلب وقنسرين حتى مات أبوه الرشيد في سنة ١٩٣ في جمادى الآخرة. فأقرّه أخوه الأمين عليها، وجعل معه قمامة بن أبي زيدٍ، وولّى خزيمة بن خازم الجزيرة.
ثم إنّ محمدًا الأمين عزل أخاه القاسم بن الرشيد عن حلب وقنسرين والعواصم وسائر الأعمال التي ولاّه أبوه الرشيد سنة ١٩٤، وولاها خزيمة بن خازم في هذه السنة.
ثم ولّى الأمين حلب وقنسرين والجزيرة عبد الملك بن صالح بن عليٍّ، فخرج إليها، واجتمعت إله العرب في سنة ١٩٦. وهذه الولاية الثالثة لعبد الملك، وان الأمين أخرجه من حبس أبيه حين مات سنة ١٩٣ في ذي القعدة.
واستمرّ عبد الملك في هذه الولاية إلى أن مات سنة ١٩٦ بالرقة، ودفن في دارٍ من دور الإمارة. وكان يرى الأمين ما فعل به. فلما خلع الأيمن حلف عبد الملك إن مات الأمين لا يعطي المأمون طاعةً. فمات قبل الأمين، فبقيت في نفس المأمون، إلى أن خرج للغزاة، فوجد قبر عبد الملك في دار الإمارة، فأرسل إلى ابنٍ لعبد الملك: حوّل أباك من داري، فنبشت عظامه وحوّل.
وولي خزيمة بن خويزمة حلب وقنسرين في سنة ١٩٧.
وقيل: إنّ الوليد بن ظم طريفٍ ولي حلب وقنسرين بعد عبد الملك بن صالحٍ، وبعده ورقاء عبد عبد الملك، ثم بعده يزيد بن مزيد، ثم استأمن إلى طاهر بن الحسين.
وجعل إليه حرب نصر بن شبثٍ فتحصّن بكيسوم، فقصده طاهرٌ فلم يظفر به، ولقيه فكسر طاهرٌ، وعاد مغلولًا وذلك في سنة ١٩٨. ثم أضاف إليه ولاية مصرٍ وإفريقيّة في سنة ٢٠٤، ثم ولاّه خراسان سنة ٢٠٦. وولّى ابنه عبد الله مصر والشام جميعه، وأمره بمحاربة نصر بن شبثٍ في سنة ٢٠٦.
ثم توفي طاهرٌ بخراسان سنة ٢٠٧، فأضاف المأمون ولايته إلى ابنه عبد الله مع الشام، فسار عبد الله بن طاهر إلى الشام من الرقّة، واحتوى على الشام جميعه، وهدم سور معرة النعمان، وهدم معظم الحصون الصغار مثل حصن الكفر وحصن حناكٍ وغير ذلك. ونزل بكيسوم وبها نصر بن شبثٍ فحصره إلى أن ظفر به وخرج إليه بأمان، وخرّب كيسوم بعد وقائع كثيرة وحرب بينه وبين نصر بن شبثٍ، وسار إلى مصر وذلك كلّه في سنة ٢٠٩.
ولما فتح مصر في سنة ٢١١ كتب المأمون إليه:
أخي أنت ومولاي ... ومن أشكر نعماه
فما أحببت من أمرٍ ... فإني الدهر أهواه
وما تكره من شيءٍ ... فإني لست أرضاه
لك الله على ذاك ... لك الله لك الله
ودامت ولاية عبد الله بن طاهر إلى سنة ٢١٣، ووجّهه المأمون إلى خراسان، وعزله عن الشام.
وولّى ابنه العباس بن المأمون حلب وقنسرين والعواصم والثغور، وأمر له بخمس مئة ألف دينارٍ في سنة ٢١٣.
ثم ولاها المأمون إسحاق بن إبراهيم بن مصعب بن زريقٍ وعزل ابنه العباس في سنة ٢١٤.
ثم إنّ المأمون عزل إسحاق بن إبراهيم في سنة ٢١٤، وولاه مصر، وأعاد ابنه العباس إليها ثانية.
ثم ولّى المأمون حلب وقنسرين ورقة الطريفيّ وأظنّه مع العباس، وكانت لورقة حركةٌ أيام الفتنة.
فلما قدم المأمون للغزاة، ونزل بدابقٍ في سنة ٢١٥، لقيه عيسى بن عليٍّ بن صالح الهاشميّ، فقال له: يا أمير المؤمنين، أيلينا أعداؤنا في أيام الفتنة وفي أيامك؟. فقال: لا، ولا كرامة. فصرف ورقة.
1 / 9