وولى الشارباميان في أول أيام المتوكل على حلب وقنسرين والعواصم، واليين أنا ذاكرهما وكان الشارباميان أحد قواد المتوكل وكان خصيصًا عنده فإما أن يكون المتوكل ولاه جند قنسرين والعواصم، أو أنه كان السلطان في أيام المتوكل فكان أمر الولاية إليه. فإنني قرأت في كتاب نسب بني صالح بن علي قال: وولى الشارباميان جند قنسرين والعواصم علي بن إسماعيل بن صالح بن عل أبا طالب، وإنما أراد أن يتزين به عند المتوكل فامتنع من قبول ولايته، فأعلمه إن لم يفعل كتب فيه إلى الخليفة، فقبلها وأقام على ولاية جند قنسرين والعواصم حتى مات، فكانت أيامه وسيرته أجمل سيرة. وكان علي بن إسماعيل إذا خرج إلى العواصم استخلف ابنه محمد بن علي على قنسرين وحلب، فلا يفقد الناس من أبيه شيئًا.
قال: وولى الشارباميان جند قنسرين والعواصم عيسى بن عبيد الله بن الفضل بن صالح بن علي الهاشمي.
قال: وولى المتوكل طاهر بن محمد بن إسماعيل بن صالح على المظالم بجند قنسرين والعواصم، والنظر في أمور العمال، وجاءته الولاية منه، فألفاه الرسول في مرضه الذي مات فيه. وجعل المتوكل ولاية عهده إلى ابنه محمد المنتصر، وولاه قنسرين، والعواصم، والثغور وديار مضر وديار ربيعة، والموصل، وغير ذلك في سنة ٢٣٥، فاستمر في الولاية إلى أن قتل أباه، وكانت الولاة من قبله.
وفي أيام ولايته حلب في سنة ٢٤٢ وقع طائر أبيض، دون الرخمة وفوق الغراب، على دلبة بحلب لسبع مضين من رمضان. فصاح: يا معشر الناس، الله، الله حتى صاح أربعين صوتًا. وكتب صاحب البريد بذلك، وأشهد خمسمائة إنسان سمعوه. ولا يبعد عندي أن تكون الدلبة التي ينسب إليها رأس الدلبة.
وسمع في هذه السنة أصوات هائلة من السماء، وزلزلت نيسابور، وتقلعت جبال من أصولها، ونبع الماء من تحتها، ووصلت الزلزلة إلى الشام والثغور.
وأظن أن نائب المنتصر في جند قنسرين في حياة المتوكل كان بغا الكبير، فلما قتل المتوكل قدم بغا عليه وسيّر المنتصر وصيفًا إلى الثغر الشامي، فأقام به إلى أن مات.
وولى المستعين في سنة ٢٥٠ قنسرين وحلب وحمص موسى بن بغا، وتوجه إليها حين عاث أهل حمص على الفضل بن قارن.
ثم ولي حلب والعواصم أبو تمام ميمون بن سليمان حدقة بن عبد الملك بن صالح في أيام المستعين، وكانت له حركة وبأس في فتنة المستعين.
وعصى أهل حلب وأقاموا على الوفاء للمستعين بيعتهم، فقدم عليهم أحمد المولد محاصرًا لهم، فلم يجيبوه إلى ما أراد من البيعة للمعتز. وكان السفير بينه وبينهم الحسين بن محمد صالح بن عبد الله بن صالح أبا عبيد الله الهاشمي. فلما بايعوا بعد ذلك للمعتز، وانقضى أمر المستعين، ولاه أحمد المولد جند قنسرين وحلب في سنة ٢٥٢ فأقام مدة يسيرة ثم انصرف إلى سلمية أعني الحسين بن محمد.
وولي حلب وقنسرين والعواصم صالح بن عبيد الله بن عبد العزيز بن الفضل ابن صالح في فتنة المستعين وكان له سعي وتقدمة ورئاسة وولي بعده ثانية صالح بن عبيد الله بن عبد العزيز بن الفضل بن صالح الهاشمي. وانقضت ولاية بني صالح الهاشمين.
ثم ولي حلب وقنسرين في أيام المعتز أبو الساج ديوداد في شهر ربيع الأول ٢٥٤، وبقي واليًا إلى أن تغلب أحمد بن عيسى بن الشيخ على الشامات في أيام المهتدي.
فلما مات وولي المتعمد سيّر إلى ابن شيخ بولاية أرمينية على أن ينصرف عن الشام آمنًا، فأجاب إلى ذلك ورحل عنها في سنة ٢٥٦.
ووليها أحمد بن طولون مع أنطاكية وطرسوس وغيرها من البلاد وكان أحمد ابن طولون شهمًا شجاعًا عاقلًا، وكان على مربطه أربعة آلاف حصان وكانت نفقته في كل يوم ألف دينار.
فعقد المعتمد لأخيه أبي أحمد الملقب بالموفق على حلب وقنسرين والعواصم في شهر ربيع الأول سنة ٢٥٨. ثم ولاه بغداد واليمن وخراسان وولى الشام لابنه جعفر وجعل له ولاية العهد وهو صبي، وجعل الأمر بعده لأخيه أبي أحمد.
1 / 11