وفي تلك اللحظة تقدم يهوذا الإسخريوطي ودنا من يسوع، وقال له: تأمل، إن ممالك العالم واسعة، ومدن داود وسليمان ستغلب الرومانيين. فإذا شئت أن تكون ملك اليهود فإننا نقف سيوفنا ورماحنا لتأييدك وفوزك على الغرباء.
ولما سمع يسوع هذا، التفت إلى يهوذا وأمائر الغضب تملأ محياه، وخاطبه بصوت راعب كرعد السماء قائلا له: تخلف عني يا شيطان! وهل يخطر لك أنني جئت في مواكب السنين لأحكم ثلة من النمل يوما واحدا؟
إن عرشي يفوق بصيرتك. وهل يمكن أن الذي يحوط الأرض بجناحيه ينشد ملجأ في عش مهجور منسي؟
أم هل يتشرف الحي ويترفع بواسطة لابسي الأكفان؟ «المصلوب».
إن مملكتي ليست من هذه الأرض، ومجلسي لم يبن على جماجم أسلافكم.
فإذا كنتم تنشدون مملكة غير مملكة الروح فالأجدر بكم أن تتركوني ها هنا، وتنحدروا إلى مغاور أمواتكم حيث يعقد ذوو الرءوس المتوجة منذ القديم مجالسهم في قبورهم ليعطوا مجدا لعظام جدودكم وآبائكم.
كيف تجرؤ أن تجربني بتاج من نفاية المادة في حين أن جبهتي تنشد إما الثريا وإما أشواككم؟
إلا أنني لولا حلم حلمه جنس منسي لما كنت آذن لشمسكم أن تشرق على صبري ولا لقمركم أن يبسط ظلي في طريقكم.
ولولا رغبة تقية اختلجت في قلب أم طاهرة لكنت جردت نفسي من أقمطتي وهربت راجعا إلى الفضاء.
ولولا الكآبة التي في أعماقكم جميعا لما كنت أقمت هنا للبكاء والنواح.
Página desconocida