Caiga Sibawayh
لتحيا اللغة العربية يسقط سيبويه
Géneros
وإذا كان لا بد من مقياس مدرج للعروبة، فليس جنسيا هو، ليس بكمية الدم العربي التي أضيفت، ولكنه كمية اللسان العربي التي استعيرت. بمعنى آخر، مقياس العروبة، مثلما هو أساسها، اللغة لا الجنس.
والتعريف الشائع للعربي كما قلنا، هو أنه من يتحدث اللغة العربية. لكن هذا التعريف لا ينطبق على أبناء الشعوب الأخرى؛ فلا يمكن أن يعرف الفرنسي مثلا بأنه من يتحدث الفرنسية؛ لأن هناك شعوبا أخرى في بلجيكا وسويسرا وكندا وغيرها، لغتها الأم هي الفرنسية. كذلك فالإنجليزي لا يعرف بأنه من يتحدث الإنجليزية، وأيضا الإسباني والألماني والروسي وهكذا.
لكن الانتماء إلى العروبة لا يكون إلا باللغة كشرط مسبق للتدليل على الهوية.
ومع بدايات القرن الحادي والعشرين يواجه العرب هجوما شرسا يستهدف الأسس الراسخة لثقافتهم الموروثة. ولا شك عندي في أن الصراع العربي الإسرائيلي يكمن بصفة أساسية وراء محاولات تعديل العقل العربي وتشكيله تشكيلا جديدا، بحيث يتقبل السلام بالشروط الإسرائيلية.
فأمريكا، والغرب عامة ، يسعون منذ نصف قرن إلى إقناع العرب بضرورة السلام مع الدولة العبرية. ولأن الولايات المتحدة ترفض، أو لا تستطيع، ممارسة أية ضغوط على إسرائيل، فإن الجانب الذي تستطيع إقناعه بالحجة أو بالقوة هو الجانب العربي.
ومنذ كامب ديفيد وقبلها، لجأت واشنطن إلى كافة أشكال الضغوط على الدول العربية التي تعتبرها حليفة لها، وهي دول ترتبط بالفعل بمصالح حيوية مع أمريكا. لكن كل «النصائح» والضغوط فشلت في إقناع العرب بالاستسلام لإرادة إسرائيل والتخلي عن القضية الفلسطينية، أيا كان رأينا في أسباب ذلك.
وقد أدرك خبراء العرب أن منبع الرفض الحقيقي ليس الحكام العرب وحدهم، وإنما الشعوب العربية، وأن الأنظمة لا تستطيع، حتى لو أرادت، أن تقبل بتسوية غير عادلة.
وقد أسهمت حادثة 11 سبتمبر 2001م في زيادة الفجوة بين الغرب بزعامة أمريكا من ناحية والعالم العربي من ناحية أخرى. وهنا لم يجد الغرب حلا إلا في إعادة تشكيل العقل العربي؛ ليتواءم مع المنطق الغربي ويخضع لرغبات إسرائيل. وتبلورت شيئا فشيئا فكرة إعادة تشكيل العقل العربي فيما يسمى بمشروع الشرق الأوسط الكبير.
وقد بادرت الشعوب العربية برفض هذا المشروع؛ لأنه من غير المعقول ولا المقبول أن تتدخل إرادات خارجية في تشكيل عقل الأجيال الصاعدة من أبناء الشعوب العربية.
لكن هل يعني ذلك أننا لسنا في حاجة إلى إصلاح؟
Página desconocida