Caiga Sibawayh
لتحيا اللغة العربية يسقط سيبويه
Géneros
وفي رأيي أن سلامة موسى قد انطلق من فرضية صحيحة، وهي أن اللغة العربية كما ورثناها لم تعد تلائم العصر، لكن النتيجة التي استخلصها من هذه الفرضية الصحيحة جاءت خاطئة؛ فهو يستنتج من عدم مواءمة اللغة لمتطلبات العصر أن نستبدلها بأخرى هي العامية. لكن النتيجة الأكثر منطقية هي أنه أصبح من الضروري تطوير اللغة، بحيث تناسب أسلوب تفكير واحتياجات إنسان القرن الحادي والعشرين.
والوسيلة الوحيدة لذلك هي الإسراع بالاتفاق على سبل تطوير اللغة بإرادة عربية مشتركة. ولن يتأتى ذلك إلا بوعي المثقفين والقائمين على أمور الثقافة في العالم العربي بأن الفصحى أصبحت مهددة فعلا، وأنه بعد عدة أجيال قد لا نجد من يعرف لغة سيبويه إلا قلة من الدارسين والمتخصصين، فالعامية تعبر عن احتياجات الإنسان العربي للتفاهم أفضل من الفصحى؛ ولهذا هجر اللغة الصعبة إلى الأسلوب الأسهل في التعامل.
والاتجاه الغالب لتناول قضية الشيزوفرينيا اللغوية العربية هي قبولها كما هي، وكأنها قدر مكتوب علينا ولا فكاك منه في المستقبل، لكن العقل يحتم علينا مراجعة هذا الموقف البراجماتي المستسلم للواقع.
من المؤكد أنه ستكون هناك دائما فجوة بين لغة الكلام اليومية ولغة الكتابة، وهي حقيقة موجودة في كل بلاد العالم، لكن واجبنا تجاه الأجيال القادمة هو تضييق هذه الفجوة بأكبر قدر ممكن. ومن الواضح أن هذا هو الاتجاه الذي فرضته طبيعة الأمور وخاصة منذ ظهور الصحافة في العالم العربي.
وكما قلت فإن ما يعرقل الاعتراف بهذا التطور الطبيعي هو الربط المصطنع بين اللغة والدين، وتخويف البعض بأن المساس باللغة هو مساس بالدين ذاته. وهو كلام بعيد جدا عن الحقيقة كما حاولت أن أثبت في هذا الكتاب. •••
وقد لعبت الصحافة دورا محوريا في إيجاد لغة مبسطة تفهمها شرائح متعددة من أبناء الشعب العربي. ويجمع الكثير من المثقفين ومحبي العربية أن الصحافة فتحت الباب أمام الحل الأمثل لمشكلة الشيزوفرينيا التي تواجه كل عربي قادر على القراءة والكتابة.
وإن كانت جهود الصحافة في تبسيط اللغة لم تسلم من انتقاد بعض فطاحل الفكر العربي، وقد عبر حافظ إبراهيم عن هذا الرأي عندما قال:
أرى كل يوم بالجرائد مزلقا
من القبر يدنيني بغير أناة
وعلى الرغم من وجهة نظر شاعر النيل، إلا أن التقريب بين الفصحى واللهجات هو السبيل الوحيد لإيجاد تطوير منطقي ومقبول من الجميع للغة الضاد.
Página desconocida