هل عندنا سياسيون ...؟
نعم عندنا سياسيون.
ومن الإنصاف لهم أن نقول: إنهم لا يقلون عن السياسيين في أوروبة وأمريكا، وقد يفضلونهم أحيانا في العمل والكفاءة.
كلام غريب.
ولكنه حقيقة قابلة للبرهان.
ولجلاء هذه الحقيقة يجب أن نذكر المساعدات والأسناد التي يعتمد عليها السياسي في أوروبة وأمريكا وليس للسياسي المصري نصيب منها، بل هو يعمل دائما بغيرها، وقد يجد بدلا منها عقبات وعراقيل تحول بينه وبين الإنجاز والنجاح من حيث يجد السياسيون في الغرب كل أسباب الإنجاز والنجاح. (1)
وأول هذه المساعدات والأسناد هي «المكتب الدائم» في كل وزارة من الوزارات الهامة، وهو مكتب يشتمل على فئة من الموظفين المدربين المختصين بشئون تلك الوزارة، قلما يتغيرون أو ينتقلون من مراكزهم إلا ليخلفهم تلاميذهم وأعوانهم القادرون على أداء أعمالهم، وما من وزير حديث العهد بمنصب الوزارة يحتاج إلى «التنوير» في مسألة من المسائل إلا أمده المكتب الدائم بكل ما يحتاج إليه.
أما في مصر فالوزارات المصرية في عهد الاستقلال لا يتجاوز تاريخها عشر سنوات، وكان الأمر كله قبل ذلك محصورا بين أيدي المستشارين وكبار المفتشين الإنجليز، وهم يستعينون بالموظفين الذين ينفذون معهم سياسة الاحتلال ولا يحسنون شيئا من سياسة الاستقلال. (2)
والمساعدة الثانية التي يستفيد منها السياسي الأوروبي ولا يظفر السياسي المصري بما يماثلها هي برامج الأحزاب المدروسة التي تعنى بكل مسألة من المسائل الاجتماعية أو الاقتصادية، وتدعو فيها إلى خطة مرسومة ومقاصد معينة ينفذها الوزير كلما وجد الأصوات الكافية من أنصاره في البرلمان.
أما في مصر فالأحزاب لا تريح وزراءها من هذا العبء القديم، بل ربما كان الوزراء هم أصحاب الرأي والتنفيذ، وهم كذلك أصحاب التحضير والإقناع. (3)
Página desconocida