بَاب فى آيَات من الْكتاب الْعَزِيز وَردت فى جَهَنَّم
قَالَ القرطبى فى التَّذْكِرَة ذكر الله تَعَالَى النَّار فى كِتَابه ووصفها وَأخْبر بهَا على لِسَان نبيه ﷺ ونعتها وأوعد بهَا الْكَافرين وَخَوف الطغاة والمتمردين والعصاة من الْمُوَحِّدين لينزجروا عَمَّا نَهَاهُم والآى فى هَذَا الْمَعْنى كَثِيرَة انْتهى وَهَذَا الْكثير أذكرهُ فى بَابَيْنِ فَهَذَا الْبَاب أوردت فِيهِ مَا ورد من ذكر النَّار فى الْكتاب ثمَّ أتبعه بِبَاب آخر أذكر فِيهِ مَا ورد فى صفة النَّار وَأَهْلهَا وَإِن كَانَ فى هَذَا الِاخْتِيَار وَالتَّرْتِيب بعض التكرير وَبِاللَّهِ التَّوْفِيق
قَالَ تَعَالَى فَاتَّقُوا النَّار الَّتِي وقودها النَّاس وَالْحِجَارَة أعدت للْكَافِرِينَ الْوقُود بِالْفَتْح الْحَطب وبالضم التوقد وَفِيه دَلِيل على عظم تِلْكَ النَّار وقوتها وفى هَذَا من التهويل مَا لَا يقادر قدره من كَون هَذِه النَّار تتقد بِالنَّاسِ وَالْحِجَارَة فأوقدت بِنَفس مَا يُرَاد إحراقه بهَا وَمعنى أعدت جعلت عدَّة لعذابهم وهيئت كَذَلِك قَالَه ابْن عَبَّاس
وَعَن أنس قَالَ تَلا رَسُول الله ﷺ هَذِه الْآيَة فَقَالَ أوقد عَلَيْهَا ألف عَام حَتَّى احْمَرَّتْ وَألف عَام حَتَّى ابْيَضَّتْ وَألف عَام حَتَّى اسودت فهى سَوْدَاء مظْلمَة لَا يطفأ لهيبها أخرجه ابْن مرْدَوَيْه والبيهقى فى شعب الْإِيمَان وَأخرج ابْن أَبى شيبَة والترمذى وَابْن مردوية والبيهقى عَن أَبى هُرَيْرَة مَرْفُوع مثله وَأخرج أَحْمد وَمَالك والبخارى وَمُسلم عَنهُ بِلَفْظ أَن رَسُول الله ﷺ قَالَ نَار بنى آدم الَّتِى يوقدون جُزْء من سبعين جُزْء من نَار جَهَنَّم قَالُوا يَا رَسُول الله إِن كَانَت لكَافِيَة قَالَ فانها قد فضلت عَلَيْهَا بِتِسْعَة وَسِتِّينَ جُزْء كُلهنَّ مثل حرهَا
1 / 49