Yaqutat Ghiyasa

Ibn Hanash d. 719 AH
91

Yaqutat Ghiyasa

ياقوتة الغياصة الجامعة لمعاني الخلاصة

Géneros

وإن افترق العلم والظن في هذا الباب من وجه آخر وهو أن الضرر إذا كان معلوما واندفاعه لما يتحمله من الضرر معلوم أيضا فوجه الوجوب هو دفع الضرر عن النفس لا العلم بدفعه، وإذا كان مظنونا اندفاعه، فوجه الوجوب هو الظن لاندفاع الضرر بذلك لا دفع الضرر لأن الوجه لو كان دفع الضرر لم يجب عند الظن بكل حال؛ لأن الظن قد يطابق مظنونه، فيدفع به الضرر كما لو ظن، وقد لا يطابق مظنونه، فلا يندفع به كما ظن، فكان لا يجب في هذه الحال فلما علمنا أن العقلاء يحكمون بوجوبه بكل حال عند الظن دل ذلك على أن وجه الوجوب هيو الظن لا غير، وإنما قال (رحمه الله): إنه يستوي فيه المعلوم والمظنون؛ لأن لا يقال إنما يجب عليه دفع الضرر إذا كان قاطعا عالما به والمكلف في أول أحواله تكليفه لا يعلمه فلا يجب عليه ذلك.

قال الشيخ (رحمه الله): فإذا كان ضرر العقاب مظنونا للمكلف في أول أحوال التكليف، وجب عليه أن يدفعه باجتناب مايظن أنه يؤدي إليه.

وأما الأصل الرابع: وهو أن مايجري مجرى دفع الضرر عن النفس...... كوجوبه فالذي يدل على ذلك أن يصير كالرملة أي دفع الضرر الذي يجب دفعه، وما يجري مجرى دفع الضرر عن النفس كان حكمه في الوجوب كحكمه لأنه يحترز به من ضرر العقاب والتحرز عن ذلك واجب، ولهذا العقلاء يوجب على من التبس عليه طريق الأمن [51أ] بطريق الخوف.

السؤال عن الطريق، ويحب أهل الخير، ويذمون متى التبس كما يذمون إذا أقدم مع العلم بالخوف ويجرون السؤال الذي تحرز به عن الضرر مجرى دفع الضرر في الوجوب.

وإنما قال الشيخ (رحمه الله): كالوصلة، ولم يقل إنها وصلة؛ لأن الوصلة في الحقيقة هو الفعل الذي يندفع به الضرر وصارت كالوصلة لما كان تكون مع المعرفة أقرب إلى أداء الواجبات، واجتناب المقبحات، وصار كالتحرز من ضرر العقاب.

Página 92