Yaqutat Ghiyasa

Ibn Hanash d. 719 AH
102

Yaqutat Ghiyasa

ياقوتة الغياصة الجامعة لمعاني الخلاصة

Géneros

وأما وجه اشترط أن يكون عالما بوجه دلالة الدليل فلأنه لو لم يعلم وجه الدلالة، ولم يولد نظرة العلم؛ لأن توليده للعلم إنما كان لوجه الدلالة وهو تعلق بين الدليل والمدلول للعلة الرابطة بينهما فمتى يعلم وجه الدلالة لم يكن علة بين الدليل والمدلول رابطة، وكان أجبنا عنه، ومثاله: أن المكلف متى عرف الدليل على الصانع الذي هو العالم، ثم علم وجه الدلالة وهو المحدث ونظر في ذلك حصل له العلم بأن للعالم محدث، فلو لم يعلم وجه الدلالة وهو الحدوث ثم ينظر في العالم لم يعلم ذلك، ولهذا لم يعلم الفلسفي إثبات الصانع.

أما إعتقاد قدم العالم وإن نظر في الدليل وهو العالم فثبت الأصل الأول وهو أن النظر موصل إلى المعرفة بالله تعالى.

وأما الأصل الثاني: وهو أن ما توصل إلى الشيء فهو طريق له، فذلك معلوم ضرورة.

وأما الأصل الثالث: وهو أنه لا طريق للمكلفين إليها سواه، فقيد الكلام بالمكلفين احترازا من أهل الآخرة، فإن طريقهم إلى معرفة الله تعالى لا تعدوا أربعة أقسام: إما البديهة أو المشاهدة، أو الأخبار المتواترة، أو النظر والاستدلال، هذا ماذكره الشيخ، والأولى أن يقال خمسة أقسام فتزاد على ذلك الخبرة [56أ] والتجربة، وإنما قال الشيخ (رحمه الله): يتوهم كونه طريقا مع أن التوهم ظن مخصوص، وحصول العلم بهذه الجهة من البديهة، وسائر ماذكره معلوم غير متوهم؛ لأنه وإن كان كذلك حصول العلم بالله تعالى بالبديهة والمشاهدة والخبرة والتجربة أو الأخبار المتواترة متوهم غير صحيح ولا معلوم، وإنما قال يتوهم كونه طريقا إلى معرفة الله تعالى مع أن البديهة ليست بطريق، والعلم البديهي هو المنتدب؛ لأنه لم يرد بذلك الطريق الحقيقية، وإنما أراد أن يحضر العلم ما يحصل به من مسد أو طريق حقيقة، ومعناه ما يتوهم حصول معرفة الله تعالى به لايعدوا ما ذكره، وهذه الدلالة مبنية على أصلين:

Página 103