وورد بعد ذلك على أبي العباس تاش أبو سعيد الشبيبي «4» في رجال من أجلاد «5» جنود خوارزم «6»، وقاد الضرام، وأبناء الشهامة والسهام «7». واقترح «8» الحرب بهم، فلم يضعوا نبالهم إلا في منافس الأشداق، ومواضع الثغر والأحداق، وأفشوا العور «9» والقتل في الديلم ثم تحاجزوا «10» يومهم ذلك. ولم يزل يقوم «11» الحرب [27 ب] بينهم على ساقها «12» ظاهرة وغبا «1»، فينتصف البعض فيها من البعض.
وكان أبو الفضل الهروي المنجم أشار على مؤيد الدولة بمصابرتهم إلى أن يبلغ المريخ درجة الهبوط، فيجعلها واحدة عليهم منجحا أو مخفقا، فأسر ذلك في نفسه، واستعد لوقته. فلما كان يوم الأربعاء من شهر رمضان سنة إحدى وسبعين وثلثمائة ثار بنفسه وعسكره وعساكر أخيه على اختلاف أجناسهم. وكان أهل خراسان يظنون «2» أن حربهم تلك عارض ينقشع، [و] عن قريب على الرسم في مثله يندفع، فلما رأوها غماما ركاما «3»، وشاهدوها غراما ولزاما، أقبلوا عليها مضطرين، فإذا الأمر إد «4»، والخطب جد، والحد حديد، والبأس شديد.
وبرز «5» الديلم من وراء الخنادق إلى العراء محرجين من جهد البلاء، وضنك البؤس واللأواء «6»، فاستعرت وقدة الحرب، ودارت رحى الطعن والضرب، وتحدث الناس بأن مؤيد الدولة قد خبب «7» فائقا وأضرابه بمال حمله إليهم سرا، وأطمعهم في أمثاله حيلة ومكرا، وواطأهم على التساهل في الحرب لليوم المرقوب، والأجل المضروب.
Página 56