390

ولما وضعت تلك الحروب أوزارها، وحلت له الغنائم أزرارها، عطف عنانه إلى شط البلد الواقع عليه اسم المتعبد وهو مهرة الهند، يطالع أبنيتها التي يزعم أهلها أنها من صنيع الجنان دون الإنسان، إبداع أساس وسقوف، وإعجاز أوساط وحروف، فرأى ما يخالف العادات، ويفتقر رواتها «8» إلى الشهادات بل المشاهدات. بلدا مبني السور من صم الصخور، قد شرع بابان منها إلى الماء المحيط به، موضوعة أبنيتها فوق شواخص التلال، صيانة لها من مضار سيول الماء «9»، ومغار «10» غيوث السماء. وعن جنبتيها ألف قصر شبيهة بسائر «11» الأبنية في الوثاقة، مشتملة على بيوت أصنام قد هندمت مفاصل أعراقها بمسامير تساوي سطوح البناء، وتواري ما وراءها من الحزوز تحت الخفاء. وفي صدر البلد بيت أصنام يحكي أخواته أو أحسن، ويجري مجرى أضرابه بل أتقن، لا يهتدي الكتاب بأقلام الدواة، ولا النقاشون بأطراف الخامات، إلى «1» أمثالها تحسينا وتزويقا، ونقوشا تخطف الأبصار بريقا. [222 ب]

وكان فيما كتب السلطان به أنه «2» لو أراد مريد أن يبني ما يعادل أشباه هذه الأبنية، لعجز عنها بإنفاق مائة ألف ألف درهم، في مدة مائتي سنة، على أيدي عملة كملة، ومهرة سحرة.

وفي جملة الأصنام خمسة من الذهب الأحمر مضروبة، على قدر خمسة «3» أذرع في الهواء منصوبة، قد ألقمت عينا «4» واحد منها ياقوتتين «5» لو سيم مثلهما «6» على السلطان لا بتاعهما «7» بخمسين ألف دينار استرخاصا، ولم يستثن فيه «8» دركا ولا خلاصا «9». وعلى آخر قطعة ياقوت أزرق أروى «10» من ريق الماء، وبريق البهاء «11»، تتزن «12» أربعمائة وخمسين مثقالا. وخرج «13» من وزن قدمي أحد الأصنام المذكورة أربعة آلاف وأربعمائة مثقال.

Página 406