364

ووافق مآبه خلع الديلم لجام الهيبة لعدم السياسة، وانفراد «8» مجد الدولة في بيته بالدراسة. وتبسط الديلم فيما شاءوا «1» من غصب وقطع ونهب وكبس ونقب، لا يرتدع منهم إلا من أشعره الله المخافة، وأودع صدره الرحمة والرأفة، فانبرى نصر بن الحسن لقمع أولئك الضلال، فاجتاح منهم فريقا، وأوسع آخرين تفريقا وتمزيقا. فلما رأى القوم ما دهاهم في أضرابهم من حصده واستئصاله، تجمعوا على قصده وقتاله وأحاطوا بداره، فواقعهم «2» بخاصته مليا، ثم انثنى «3» منهزما، وغادر ملكه في الدار منهوبا ومغتنما. وما زال يضطرب في محنته إلى آخر مدته.

ذكر بهاء الدولة وما أفضى إليه أمره

[207 ب] قد كان بهاء الدولة وضياء الملة بعد أن فتح الله على السلطان سجستان راغبا في موالاته «4»، خاطبا لمصافاته، مؤثرا لمكاتبته، حريصا على مقاربته بحكم الجوار الواقع بين الدولتين، والصقب الحادث بين المملكتين. ووافق ذلك من السلطان رغبة في مثله من جهته، لشرفه بنفسه وسلفه، ولما حيز «5» لهما من الكفاءة في الملك، والملاءة في سعة الملك. فسفر بينهما السفراء على إلحام سدى القربة، وإحصاد «6» قوى المودة، حتى خلصت القلوب، ونقيت الجيوب، وتأكدت العهود، وتأحدت الحدود.

Página 380