Los judíos en la historia de las primeras civilizaciones
اليهود في تاريخ الحضارات الأولى
Géneros
وإني حين ألاحظ مثل تلك الحوادث، أصل مستنتجا إلى أن الأوهام تمثل في تطور الأمم دورا عظيما لا مبالغة في أهميته.
ولا أعالج في هذا الكتاب تاريخ الأديان التي سيطرت على الغرب منذ نحو ألفي سنة، وتكوين هذه الأديان؛ لما يضيق به صدر كتاب كهذا الكتاب، ولا أبحث إذن في سلسلة الأحوال التي استطاع بها الشعب اليهودي، الذي هو أكثر الناس تمردا على مبادئ عرقه البسيطة الكبرى، أن ينشر هذه المبادئ في العالم، ولا أبين إذن أن النصرانية لم تكن حادثا مفاجئا خلافا لما يعلم، وأنها ترتبط بسلسلة من التطورات التدريجية في الزون الكلداني القديم، وفي أطوار الديانات الآرية الفطرية القديمة، وإنما أقتصر على بياني نصيب اليهود في تاريخ الحضارة.
والآن يمكننا أن نلخص هذا الفصل بأن نقول: إن تأثير اليهود في تاريخ الحضارة صفر، وإنه واسغ من الناحية الخلقية، وإذا كانت البشرية لا تزال سائرة وراء الأوهام على الخصوص، وجب علينا أن نعترف بأنه خرج من صدر اليهود وهم من أشد ما ساد العالم هولا؛ فقد خضع الغرب لسطانه نحو ألفي سنة، وسيظل خاضعا له عدة قرون لا ريب، ولا يزال ممثل المبادئ التي جاء بها نجار في قرية صغيرة من بلاد الجليل أقوى ملوك الأرض، ذلك الممثل الذي تعد مراسيمه خالية من شائبة الخطأ، والذي يذعن لسلطانه ثلاثمائة مليون من الناس.
واليهود لما كان من نفوذهم المذكور غير المباشر في العالم، نخصص لهم صفحات قليلة في تاريخ الحضارات الأولى، وإن لم يستحقوا أن يعدوا من الأمم المتمدنة بأي وجه. (2) البيئة والعرق
كان بنو إسرائيل من الساميين، أي من العرق الذي كان ينتسب إليه الآشوريون والعرب.
ومن المقرر اليوم أن بلاد العرب الوسطى والشمالية كانت مهد الساميين، ولكن بينما ظل معظم الساميين منتشرين في جنوب جزيرة العرب، هاجر فريق منهم إلى الشمال موغلا في بلاد بابل، حيث كان السلطان لحضارة السومريين والأكاديين، فأقاموا بها من الزمان ما أشبعوا فيه من تلك الحضارة، ثم كثر عددهم فهاجروا من جديد في أدوار مختلفة، فتقدموا نحو الشمال أكثر من قبل وتقدموا نحو الغرب.
والساميون الذين بقوا في بلاد العرب هم أجداد الشعب العربي، والساميون الذين مروا من موطن الحضارة في الفرات الأدنى وانتشروا في جميع آسيا السابقة، هم الآشوريون والإسرائيليون.
ولم تثبت إقامة أجداد بني إسرائيل بما بين النهرين من أحاديثهم التي جاء فيها نبأ خروج إبراهيم من مدينة أور في كلدة فقط، بل ثبتت أيضا بالآثار التي ظلت باقية في معتقداتهم وطبائعهم من ديانة السومريين والأكاديين وعاداتهم.
وفيما كان ساميو الجنوب، أي الأهالي العرب، يحافظون على عبقرية عرقهم النقي من كل تأثير أجنبي، فلا يزالون يبدون لنا مثال أولئك البدويين ذوي المبادئ البسيطة والعبادة القليلة التعقيد والطبائع الفطرية الثابتة التي نتمثلها وفق ما جاء في سفر التكوين من الأوصاف، كان ساميو الشمال يعقدون نظامهم الكوني فيثقلون عبادتهم بالشعائر والجزئيات، فينتحلون طائفة من الآلهة المجهولة في البادية، ويشيدون المدن ويضعون مختلف النظم ويحاولون تأسيس أمم منظمة قوية على غرار الأمم التي بهرتهم فنونها وعلومها فقلبت خيالهم.
والعرب في إبان سلطانهم الكثير الاتساع وفي عهد حضارتهم العظيمة، ظلوا في مبادئهم العامة وعبادتهم أبسط من الآشوريين والفنيقيين واليهود مع ذلك، والإسلام بعد كل شيء هو الدين الوحيد الوثيق التوحيد الذي جاء به الساميون، وهو الدين الوحيد الخالي من أي أثر لوثني، وهو الدين الذي يرفض الأنصاب رفضا تاما.
Página desconocida