ثم ودعوا القبر بلثم الغطاء بعد أن ملئوا السرج زيتا. •••
كان نوم الخوري يوحنا عبود تلك الليلة متقطعا، ينتفض بين آونة وأخرى، واستيقظ فجر السبت على صياح الديك فتذكر جحود بطرس فتألم، وسار إلى الكنيسة مارا بأخويه الكاهنين، ومشوا معا إلى الهيكل بخطى الشيوخ ليقيموا صلاة الصبح والذبيحة الإلهية، وبعد إتمام واجباتهم الدينية خرجوا ثلاثتهم وجلسوا ضحى ذلك اليوم الضاحك تحت سنديانة الكنيسة، قرءوا فصلا من كتاب «الاقتداء بالمسيح» وتذاكروا بعد تلاوته شئون القرية.
فتنهد الخوري يوحنا عبود، وتأفف الخوري موسى، وتنحنح الخوري يوحنا صادق، وكان حديث ...
قال الخوري يوحنا عبود: خطيئتنا - نحن الكهنة - كبيرة جدا، ولولا ذلك ما تخلى ربنا عنا وعجزنا عن التوفيق بين أقاربنا، الخلاف خرب الضيعة، والشر الكبير قدامنا.
فقال الخوري موسى بنبرة: أوف، أوف، ضيعة شيطانها كبير.
فأجاب الخوري يوحنا صادق: يا معلمي خوري حنا، كل الحق علينا نحن الخوارنة، يا خوري موسى، شيطاننا نحن أكبر من شيطان الضيعة؛ لو كان فينا روح الله طردناه باسم الصليب، وانطفأ خبره.
فأطرق الخوري يوحنا عبود قليلا وأجاب: الحق معك يا أخي الخوري، ينقصنا كثير من التقوى، لو كنا كما يجب ما عجز المرسل البطريركي عن مصالحة أولاد رعيتنا.
فاحتد الخوري يوحنا صادق وقال: يا معلمي، الحكيم الغريب لا يعرف المرض البلدي، نحن وحدنا نعرف كيف نطبب مرضانا، صدقني قلت لك لا تهز برأسك.
فهز الخوري موسى رأسه كعادته أيضا وقال: مليح، هات يدك يا خوري حنا.
فلم تعجب الخوري يوحنا صادق لهجة الخوري موسى فردد: هات يدك يا خوري حنا، يا خوري موسى، يد واحدة لا تصفق، المسألة بسيطة جدا، اسمعوا: أنا أبو ثلاثة، وأنت يا خوري موسى أبو ثلاثة، ومعلمي خوري حنا أبو ثلاثة، وعم ثلاثة، وجد أربعة، وخال اثنين، «منو» بعيد عنك يا معلمي، ابني صهرك، وابن حنا بشارة صهرك، و«بو أسعد» صهري وابن عمك، من بقي؟ هذي الضيعة يا خوري موسى، لو تجردنا نحن الخوارنة عن الغايات، وحتمنا على أولادنا وأحفادنا وأقاربنا انفض المشكل وارتاحت عين كفاع.
Página desconocida