Existencialismo Religioso: Estudio en la Filosofía de Paul Tillich
الوجودية الدينية: دراسة في فلسفة باول تيليش
Géneros
14
فهي لا تعني أن الله يسير العالم بلا مآس أو مشاكل وكأنه آلة بالغة الكمال، بل تعني فقط قدرة على التحقيق قائمة دوما ويستحيل نفيها، فيكون الإيمان الحقيقي بالعناية الإلهية هو شجاعة تقبل الحياة بصدر مفتوح ونفس مطمئنة على الرغم من كل شيء.
15
إن الشك في المعتقدات الدينية قائم دائما؛ والإيمان هو الشجاعة التي تقهره، ليس بأن تزيحه، بل بأن تحتويه داخلها.
والمسيحية حين تدعو إلى الوجود الجديد والدهر الجديد تكون هي الطريق لتحقيق الوجود الأصيل والحيلولة دون الوجود الزائف. ضغوط العقل الجمعي المؤدية للوجود الزائف لا ينفذ منها الثوريون التقدميون أكثر من الرجعيين المحافظين، فإن اختلفت الجماعتان، فإن العضو في أي منهما مقولب بقوالب جماعته، ولا ينفذ منها المثقفون أكثر من البسطاء؛ فالمثقفون خاضعون للقيم والمعايير الثقافية السائدة ... إلخ، ولا الكنيسة نفسها تنفذ منها. لكن أصول العقيدة المسيحية تنفذ منها وترسم الطريق إلى الوجود الأصيل؛ فالمسيح نفسه وقف في وجه أسرته وروابطه العائلية وأعلن أن من يعجز عن هذا لا يصلح مسيحيا حقيقيا؛ ويخرج تيليش من هذا إلى أن ما فعلته الكنيسة طوال التاريخ من تكريس للنظم والروابط يناقض الوجودية، هو «فهم خاطئ بل مضاد للرسالة المسيحية الحقيقية.»
16
أما عن صلب الوجودية المتمثل في حرية الاختيار والقرار، والذي تعارضه المؤسسات الدينية فإن تيليش يقول: «منذ زمن بعيد نسيت الكنيسة كلمة الإنجيل بأن المسيح هو الحق، وادعت أن تعاليمها عنه هي الحق، هذه التعاليم مهما كانت ضرورية وخيرة، فقد ثبت أنها ليست ذات الحق الذي يحررنا وسرعان ما أصبحت أدوات القهر والإخضاع للسلطات؛ لقد أصبحت وسائل لمنع البحث المخلص عن الحق، ونصلا لشطر أرواح البشر بين الولاء للكنيسة وبين الإخلاص للحق، وبهذا قدموا أسلحة فتاكة للهجوم على الكنيسة وتعاليمها باسم الحق؛ وليس كل شخص يشعر بهذا الصراع؛ فثمة كتل من الجماهير تشعر بالسكينة في كنف التعاليم والقوانين؛ إنهم آمنون، لكنه أمان الذي لم يجد تحرره الروحي ولم يجد نفسه الحقة. ذلك هو مجد البروتستانتيين وأيضا خطورتهم؛ إنهم يتحملون مغبة السؤال عن الحق بأنفسهم، وهم بهذا يتلقون حرية ومسئولية القرارات الشخصية، والحق في الاختيار بين الوسائل المؤدية للرب الذي هو الحق المجرد.»
17
ويا للأسف! بعد نجاح تيليش الشديد في التفسير الوجودي للدين، والذي مكننا من أن نعزف عن العقائد الخاصة بالمسيحية كالتثليث وصلب المسيح ... إلخ، ويقع في المطب المتربص باللاهوتيين وهو التعصب، وتيليش حريص دائما وناجح على تفاديه، لكنه بعد كل هذا يأتي ليؤكد أن التفسير الوجودي للدين «مجد البروتستانتية فقط»! لا شك أنها في مناهضتها للكاثوليكية كانت أكثر وجودية، ولكننا كنا ننتظر من لاهوتي تنساب في دمائه رحيق الفلسفة ذات الشمولية والعمومية، وحريص على الحوار والتلاقي بين الديانات كما سنرى؛ كنا ننتظر منه أن يحرز خطوة أبعد ويرى التفسير الوجودي للدين من حيث هو دين. •••
إن هذا المثلب لا ينفي أن تيليش - كما رأينا - أقدر وأبرع من عبر عن التجادل والتواؤم والتلاحم العميق بين النزعة الدينية والنزعة الوجودية؛ وهذا يتبلور فيما أسماه بالاهتمام القصي الذي لا بد أن يطالعنا في كل أعمال تيليش تقريبا؛ إنه محور من محاور فلسفته الدينية، وأساس تعريف كل مفاهيمها ، ويمكن تناولها بأسرها من خلاله. والاهتمام القصي
Página desconocida