Existencialismo Religioso: Estudio en la Filosofía de Paul Tillich
الوجودية الدينية: دراسة في فلسفة باول تيليش
Géneros
وهذه الذاتية والفردانية لا تقلل من شأن العالم، ولا من شأن الآخرين، «فإذا كانت مشكلة وجود العالم قد أرقت فلاسفة الذات الذين وضعوها في جانب، والعالم في جانب آخر، ثم حاولوا الجمع بينهما، فإنها لا تشغل الوجودي البتة؛ لأن نظرته تقوم على وحدة الذات والموضوع.»
10
امتلاك الإنسان لجسد، والجسد كأداة للإنسان، يجعله يشارك في العالم، كظاهرة طبيعية وهو في الآن نفسه فائق للطبيعة المادية؛ لذا يرى الوجودي الإنسان كوحدة بدنية نفسية، فلا يبدأ من الذات الميتافيزيقية، أو من الماهية، بل من «الوجود-العيني -في-العالم»؛ حيث الذات البشرية والعالم حقيقتان أصيلتان متساويتان. لا ذات بغير عالم، ولا عالم بغير ذات، وهذا يفضي إلى «الوجود-مع-الآخرين» الذي هو سمة أساسية من سمات الموجود البشري. «وجود الإنسان في جسد يتبعه فعل الشعور، وفعل الشعور لا يمكن تفسيره إلا من خلال المشاركة
مع-الآخرين.»
11
هكذا نخلص إلى أن الوجودية تبدأ من وحدة «الوجود-مع الآخرين-في-العالم» التي يجسدها الوجود اللاعقلاني المحسوس، التجربة الحية الخفاقة في الصدور، لا المتجردة في العقول. هذه هي نقطة البداية والتي يلخصها ببراعة مصطلح هيدجر
Dasein «الموجود-هناك» الكائن الملقى به في العالم مع الآخرين.
أما نقطة النهاية، أو هدف الأهداف من الفلسفة الوجودية، فهو البحث المشبوب عن الوجود الأصيل (الشرعي) والحيلولة دون الوجود الزائف - الوجود أصيل بقدر ما يشكل الفرد نفسه، وزائف بقدر ما تشكله مؤثرات خارجية فيفقد ذاته. من هنا كان صون الوجوديين للحرية، ونقدهم للمجتمع وأعرافه، ودعوتهم الفرد للخروج على كتلة الجماهير، ورفض القيم الجاهزة وسائر العموميات ... وذلك ليحمل وحده مسئولية ذاته، فيكونها، ويحقق وجوده الأصيل. وهذا لن يتأتى إلا حين «الفعل المشتمل على الحرية والفكر والقرار».
ها هنا نضع الإصبع على العمود الفقري ودماء الحياة من الاتجاه الوجودي: حرية الإنسان «إنهم لا يحللون الوجود الإنساني إلا من حيث أنه أساسا فعل حرية، تتكون بأن تؤكد نفسها، وليس لها منشأ أو أساس آخر سوى هذا التوكيد للذات»؛
12
Página desconocida